مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان: انخفاض معدل النمو السكاني لأول مرة بالعراق إلى 2.56%

 

 

وقال مهدي العلاق، في مقابلة مع شبكة رووداو الأعلامية، إن العدد الكلي لسكان العراق "يقدر بحوالي 42 مليون نسمة"، موضحاً أن "العدد الدقيق والحقيقي يبقى بإنتظار تنفيذ تعداد عام جديد للسكان".

 

بشأن موعد إجراء التعداد العام للسكان، أشار إلى نهاية 2023 حسب خطة وزارة التخطيط، مشدداً على أن إجراء التعداد "مرتبط بتوفير البيئة المناسبة".

 

 

مهدي العلاق: في الحقيقة ربما تحصل هذه الظاهرة لأول مرة في التاريخ، إذ أعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن العالم سيصل بحلول يوم (15 تشرين الثاني 2022) إلى ثمانية مليارات نسمة. هذه الظاهرة تأتي بالتأكيد نتيجة معدلات النمو السكاني المستمرة على مستوى دول العالم بشكل عام، باستثناء بعض الدول التي بدأت معدلات النمو فيها بالتناقص، أي أصبحت المعدلات سلبية، وربما لا يزيد عدد هذه الدول على 15 دولة.

 

بالنسبة للعراق، ما يزال معدل النمو يعتبر مرتفعاً نسبياً وإن كان قد شهد انخفاضاً واضحاً خلال العقد الماضي، حيث انخفض معدل النمو السكاني لأول مرة في العراق من أكثر من 3% سنوياً إلى حوالى 2.56% سنوياً، ولكن لا يزال هذا المعدل مرتفعاً، وعدد سكان العراق الآن يصل إلى حوالى 42 مليون نسمة، وهناك خطط وسياسات يفترض أن يجري تبنيها من قبل الحكومة الاتحادية أو حتى من قبل حكومة إقليم كوردستان لمحاولة تنظيم الصحة الإنجابية وخفض معدلات النمو السكاني.

 

مهدي العلاق: في الحقيقة لا يوجد قانون يحد أو يمنع من تحديد عدد الولادات، حتى في دول العالم. صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعو إلى إعطاء الحرية للعوائل في تقرير العدد المناسب لأطفالها، ولكنها في الوقت ذاته تحث على المباعدة بين الولادات لضمان الصحة الإنجابية للمرأة وضمان صحة الأطفال وتقليل معدلات وفيات الأمهات ووفيات الأطفال.

 

مهدي العلاق: بالحقيقة حتى اعيد ما أشرت إليه في بداية المقابلة، وهو أن عدد السكان يتزايد، ولكن معدلات النمو بدأت تنخفض، يعني التزايد في عدد السكان بدأ كعدد ينخفض عما كان عليه قبل عقد أو عقدين من الزمان، ولكن بالمقابل يفترض أن ترافق هذه الزيادات في السكان، سياسات سكانية مناسبة تأخذ بنظر الاعتبار ادماج قضايا السكان بقضايا التنمية، لأن زيادة عدد السكان تتطلب المزيد من الخدمات التربوية والصحية والاجتماعية والبيئية، ولذلك أي زيادة في السكان يفترض أن تقابل بتطوير وتنمية الخدمات الأساسية لكي تتناسب مع هذه الزيادات السكانية .

 

في العراق سبق وأن تبنت الحكومة الاتحادية عام 2013 وثيقة وطنية للسياسات السكانية لأول مرة في تاريخ العراق، واعتمدت لمدة عشر سنوات ولكن الكثير من الاحداث في الحقيقة حالت دون تنفيذ هذه الوثيقة بشكل واضح، لذلك يجري الآن العمل على إعداد وثيقة وطنية محدثة جديدة ينتظر أن تناقش خلال الأسابيع المقبلة بغية المصادقة عليها واعتمادها للفترة المقبلة .

 

في إقليم كوردستان أيضاً هناك محاولات جادة لاعداد وثيقة سكانية تخص الإقليم، وتحاول أن تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الديموغرافية الأساسية الموجودة، ومنها بشكل خاص ظاهرة النازحين والمهجرين والتي يتحمل إقليم كوردستان أعباء كبيرة جراءها، أثرت في تركيبته السكانية وتطلبت العديد من الجوانب التي ترتبط بهذا التغير الديموغرافي ويجري العمل الآن على إعداد مثل هكذا وثيقة.

 

مهدي العلاق: يقدر بحوالي 42 مليون نسمة، ولكن بالتأكيد العدد الدقيق والحقيقي يبقى بإنتظار تنفيذ تعداد عام جديد للسكان .

 

مهدي العلاق: التعداد السكاني يفترض أن ينفذ بحسب خطة وزارة التخطيط في نهاية عام 2023، ولكن بصراحة هذا مرتبط بتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ التعداد، لاسيما في مجال إقرار الموازنة الخاصة بالتعداد وتهيئة البنى التحتية. 

 

مهدي العلاق: نعم في الحقيقة هناك تفاهمات كبيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، واتفاق مبدئي على ضرورة تنفيذ التعداد العام للسكان، وإبعاده عن التأثيرات السياسية، لأن هدف التعداد كما هو معروف تنموي، يوفر مؤشرات سكانية دقيقة على مستوى أصغر تشكيل إداري، وبذلك يقدم خدمة فريدة لتحديد الاحتياجات من الأبنية والخدمات الصحية والتربوية والعجز السكني فضلا عن الخصائص المختلفة للسكان وتقدير احتياجاتهم في المجالات المختلفة .

 

مهدي العلاق: خلال السنتين الماضيتين حصل اتفاق مبدئي حول إبعاد التسييس عن موضوع التعداد العام للسكان، وحصل هذا تحت رعاية القيادة في الحكومة الاتحادية وفي حكومة إقليم كوردستان، ولذلك أحد الاسئلة التي تثير الكثير من الجدل والنقاش والقلق بشأن تنفيذ التعداد هو السؤال عن القومية، والحمد الله حصل تفاهم تام بإبعاد سؤال القومية من استمارة التعداد، لأن التعداد أهدافه تنموية، يريد أن يقدم خدمات للمواطنين في المجالات المختلفة، ولذلك ربما أسئلة تعصف بأهداف التعداد بسبب التصورات الخاطئة عن دوره في حسم المناطق المختلف عليها، أو تقرير مصيرها، الحقيقة التعداد لا يوفر بيانات تتعلق بتحديد مصير المناطق المخلتف عليها، وقرار المحكمة الاتحادية في عام 2010 كان واضحاً في إبعاد التعداد من التأثيرات المتعلقة بتأثير مصير الوحدات والمناطق المختلف عليها، هذه تعالج بطرق مختلفة، ومنها أسلوب الاحصاء المرتبط بتسجيلات الأحوال المدنية وخصوصا تسجيلات عام 1957 .

 

مهدي العلاق: التعداد الناجح هو التعداد الذي لا يستثني أي منطقة أو رقعة جغرافية في العراق، وهذا هو المفهوم الدولي، أن يجري عد السكان داخل الحدود الاقليمية للبلد في وقت واحد، وأحد مقومات التعداد السكاني الناجح هو التزامن، أي تنفيذ التعداد بفترة زمنية واحدة تقريباً ولكل المحافظات، ولهذا يعني فإن تعداد عام 1997 الذي جرى في 15 محافظة، ونفذ من قبل الحكومة الاتحادية، لا يعد تعداداً شاملاً، لأنه لم يشمل في حينها محافظات إقليم كوردستان.

 

مهدي العلاق: لا يوجد سؤال عن المذهب لا في التعداد السكاني الجديد ولا في التعدادات السابقة، السؤال عن الديانة ، وهذا مفيد لتقرير بعض الجوانب ذات الصلة بالمعتقدات، أو المناهج، لكن السؤال عن المذهب غير موجود اطلاقاً.

 

مهدي العلاق: السؤال عن الديانة يعكس حقيقة إلى حد كبير عدد السكان من الديانات الأخرى المسيحية والإزيدية والصابئية، وهذا موجود في استمارة التعداد العام السكان، لذلك ستتوضح أعداد السكان من هذه الأديان خلال نتائج التعداد.

 

مهدي العلاق: طبقا للتقديرات المعتمدة في إقليم كوردستان، عدد السكان حاليا في المحافظات إقليم كوردستان هي 6 ملايين تقريبا الان ستة ملايين و 250 إلى 300 ألف نسمة. 

 

مهدي العلاق: لا توجد بيانات حديثة بالحقيقة عن الفقر، لكن هناك تقديرات تشير إلى أن عدد السكان الفقراء يصل إلى 20% حالياً، طبعاً انخفضت قبل عام 2014 الى 18%، ولكنها عادت وارتفعت مرة أخرى بعد احتلال داعش للأراضي، وانخفاض اسعار النفط في السنوات الماضية، الآن يجري العمل على تنظيم اجتماعات حول البدء بقياس الفقر في العراق من جديد، وهذا يعتمد على تنفيذ مسح اقتصادي و اجتماعي واسع للأسر العراقية سينفذ خلال عام 2023 .

 

مهدي العلاق: بالتأكيد هناك علاقة طبعاً عندما تنخفض الزيادات الكبيرة في عدد السكان تنعكس ايجابياً على تحسين الاوضاع المعيشية، ولكن مثل ما بينت، هناك انخفاض في هذا المعدل إلى 2.56% وهذا يعني أن العراق تحول من الدول العالية جداً في النمو السكاني إلى الدول العالية، لأن هناك دول بالعالم حتى الآن معدلات النمو فيها تزيد عن 4%. العراق انخفض إلى 2.5%، لكن مقارنة بالمعدل العالمي، هي أعلى من المعدل العالمي .

مهدي العلاق: طبقا لآخر الاحصاءات التي نفذ فيها المسح الاقتصادي والاجتماعي، للاسف، فإن محافظتي المثنى وذي قار وكذلك الديوانية، كانت الأكثر فقراً بين محافظات العراق.

 

مهدي العلاق: الاسباب مرتبطة بالجانب الاقتصادي بالدرجة الرئيسية، لأن هذا القياس هو قياس مادي فيرتبط بمستوى دخول وانفاق الأسر، ومرتبط بقلة فرص العمل في تلك المحافظات، وتراجع الانشطة الاقتصادية كالزراعة بشكل خاص، نتيجة انخفاض مناسيب المياه وقلة الفرص المتاحة للاشتغال في القطاع الزراعي وكذلك أيضا التراجع في القطاع الصناعي أصلا.

 

مهدي العلاق: حقيقة هناك حالياً اهتمام على المستوى الوطني والدولي لقياس التغيرات المناخية وتأثيراتها على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والصحي أيضا، لذلك عقدت عدد من المؤتمرات لتشخيص هذه الظاهرة، وبالنسبة لمناطق جنوب العراق، التي تضم الأهوار وهي جزء من التراث العالمي، للاسف الشديد بدأت معدلات الجفاف تصبح عالية جداً، ربما لأنها فقدت حوالي 70% من مستويات الاغمار، وهذه تهدد الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مناطق الجنوب، لأن سكان الاهوار يعتمدون على الموارد المعيشية المرتبطة بحياة الهور، من زراعة وصيد الاسماك والسياحة، وهذه أثرت بشكل كبير، أما التأثيرات المناخية الأخرى فبالتأكيد مرتبطة بموضوع التصحر الذي بدأ يزحف على مساحات واسعة من أرض العراق، وكما تعرفون، فإن لهذا الموضوع تأثيرات سلبية عديدة، وهناك أيضا ظاهرة الاحتباس الحراري، ربما لا تكون تأثيراتها كبيرة في العراق، لكن شأنه شأن بقية دول العالم، هو أيضا يعتبر من الدول المتضررة حسب آخر التقارير التي أُعلنت أن العراق يعتبر واحد من أسوء خمس دول بالعالم تأثرت بالتغيرات المناخية.

 

مهدي العلاق: نسبة الفقر في محافظات إقليم كوردستان ربما تصل إلى 50% من المعدل الوطني، وأتكلم عن الفترة ما قبل 2014، وبعد عام 2014، وبسبب النزوح الكبير والهجرة، ربما ارتفعت قليلاً، لكنها ماتزال أقل من معدل الفقر في العراق.

 

مهدي العلاق: تاريخياً، وعلى مدى العقدين السابقين، لعب الاستقرار السياسي والانشطة الاقتصادية دوراً واضحاً في تحسن الوضع في إقليم كوردستان، مقارنة بما حصل في محافظات الوسط والجنوب، ولهذا عندما أقول بأنها تأثرت سلباً بعد عام 2014، أشير إلى أن فرص التشغيل انخفضت، وأدى النزوح إلى ارباك الوضع المعيشي في إقليم كوردستان، ولهذا ارتفعت معدلات البطالة في السنوات الأخيرة، مقارنة بما كانت عليه قبل عام 2014، وأكرر مرة أخرى بأن المعدلات هي أقل من المعدل الوطني.  

 

مهدي العلاق: ما يزال المجتمع العراقي يعد من المجتمعات الفتية، والمقصود بها هي سعة القاعدة السكانية لصغار العمر والشباب، فالهرم السكاني في العراق على شكل مثلث تقريباً، قاعدتها بدأت تضيق، لكنها ماتزال عريضة نسبياً، ويحتمل أنه مع انخفاض معدلات الخصوبة الكلية للمرأة العراقية، ستبدأ هذه القاعدة بالانحسار تدريجياً، وبالمقابل تتضخم الفئة العمرية المتوسطة، فئة النشطين اقتصادياً من عمر 15 إلى 64 سنة، ولهذا تسمى هذه المرحلة، بمرحلة الهبة الديموغرافية، لأنه ولأول مرة، سيزيد عدد النشطين اقتصادياً بالمقارنة مع غير النشطين، وبالتالي فإن أعباء الإعالة الاقتصادية ستنخفض بشكل كبير، وتعتبر فرصة ديموغرافية للعراق ولإقليم كوردستان، تقل فيها الأعباء الاقتصادية للسكان، وفي نفس الوقت ستتحول إلى نقمة، إذا ما بقيت معدلات البطالة مرتفعة، لأن ذلك سيضيف عبئاً جديداً على السكان النشطين اقتصادياً والمشتغلين فقط، ولهذا يفترض أن تبنى خطط تنموية رصينة ودقيقة من أجل توفير فرص عمل لائقة ومستدامة، حتى نستفيد من الهبة الديموغرافية.

 

مهدي العلاق: النسبة متقاربة عالمياً، لكن نسبة الذكور تزيد على نسبة الاناث قليلاً، وهذه ظاهرة ديموغرافية في العالم.