رووداو ديجيتال
أكد رئيس الائتلاف السوري هادي البحرة، أن الحكومة الانتقالية التي ستتشكل في آذار، ستكون "شاملة لكل مكونات الشعب السوري"، و"لن تقوم على أساس طائفي أو تمييزي"، كما "لن تحتكر من قبل طائفة أو ديانة واحدة".
جاء ذلك في مقابلة خاصة مع شبكة رووداو الإعلامية، تناولت المستجدات الأخيرة في سوريا وموقف الائتلاف الوطني السوري منها.
بشأن الهجمات التي تشنها فصائل معارضة مسلحة على منبج وكوباني، شدد على ضرورة "فصل أي علاقة مع PKK، والقبول بالحوار السوري – السوري مع بقية المكونات، بدءاً بالمكون الكوردي".
ورأى أنه "من غير المقبول أن تكون هناك تجاذبات بهذا المستوى داخل المجتمع الكوردي"، منوّهاً إلى أن "الحوار الكوردي – الكوردي هو بداية تؤسس لحوار سوري أوسع وأساسي".
حول الجهود الأميركية - الفرنسية لبدء حوار كوردي - كوري، قال البحرة:" كنا من المشجعين والداعمين للحوار الكوردي منذ انطلاقاته الأولى"، ورأى "الاتفاق سيكون سهلاً إذا فصلوا أنفسهم عن PKK وابتعدوا عنه تماماً وأبعدوا العناصر الأجنبية عنهم وأخذوا حرية القرار بأيديهم".
رداً على سؤال بشأن رأي الائتلاف بالنظام الفيدرالي، قال رئيس الائتلاف: "بالنسبة للقرار حول هذه القضايا، لا يحق للائتلاف ولا للمجلس الوطني الكوردي وحدهم أن يجلسوا ويقرروا هذا الأمر، لأنه يؤثر على الدولة ككل. هذا سيكون محط حوار ضمن لجنة صياغة الدستور".
وعدّ العقبات أمام عودة النازحين من عفرين " أحد الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان، وهو جريمة يعاقب عليها القانون. وبالتأكيد، لن تستمر مثل هذه الانتهاكات والجرائم".
بشأن إمكانية إجراء الانتخابات أوضح أنه "لا يمكن إجراء انتخابات في سوريا وفق الدستور الحالي، فلا بد من إعادة صياغة الدستور من قبل جمعية تأسيسية تُنتخب إما من المؤتمر العام أو وفق الآلية التي سيتم التوافق عليه".
أدناه نص مقابلة رووداو مع رئيس الائتلاف الوطني السوري:
رووداو: ماذا تعني التطورات الأخيرة التي تشهدها سوريا؟ وإلى أين تتجه البلاد؟
هادي البحرة: بدأ العمل فوراً بعد انتهاء العملية العسكرية نحو التعاطي مع بعض الأولويات الأساسية، وأهمها تحقيق السلم الأهلي، تحقيق الأمن وسلامة المواطنين داخل سوريا، وتأمين الاحتياجات الأساسية، لا سيما الغذائية بالنسبة لهم. ثالثاً، التأكد من إعادة تدوير المرافق الحيوية الأساسية مثل المياه والكهرباء والهاتف. وبعد ذلك، التأكد من اتخاذ إجراءات لضمان عدم انهيار مؤسسات الدولة.
هذه الخطوات تقريباً بدأ تنفيذها منذ عملية حلب وتحريرها إلى بقية المحافظات، والآن نحن نراها في دمشق، وهذا تقريباً اليوم الثالث بعد تحرير دمشق، وهي تسير بشكل مضطرد وبشكل مرضٍ. والأهم من ذلك كان التأكد من طريقة تعامل القوات العسكرية التي قامت بعمليات التحرير مع المواطنين ضمن إطار حقوق الإنسان، والتأكد من عدم تجاوز حرياتهم الشخصية وخصوصياتهم.
تم أيضاً إبقاء موظفي الدولة التكنوقراط والبيروقراطيين على رأس عملهم في المؤسسات والوزارات السابقة، ولكن تم تحويل الوزارة إلى حكومة تصريف أعمال لفترة، إلى أن يتم تكليف رئيس للحكومة الجديدة، والذي سيكون رئيساً لفترة مؤقتة، تمتد من الآن إلى آخر شهر آذار.
خلال هذه الفترة، يجب أن تجري مشاورات واسعة تشمل جميع السوريين بمختلف مكوناتهم حول تعيين حكومة انتقالية. هذه الحكومة الانتقالية يجب أن تحقق ثلاث معايير أساسية، يجب أن تكون شمولية تشمل كل مكونات وأطياف الشعب السوري السياسية والعرقية والدينية، وألا تقصي أحداً عن العملية السياسية. يجب أن تكون ذات مصداقية تشمل فعلياً القوى التي سعت إلى التغيير والقوى التي تمثل باقي أطراف المجتمع. يجب ألا تقوم على أي أساس طائفي. هذه الحكومة الانتقالية توازي ما كان يسمى هيئة الحكم الانتقالي في قرار مجلس الأمن 2254.
ما هي مهمة هذه الحكومة الانتقالية؟ المهمة الأساسية لها هي تحقيق البيئة الآمنة والمحايدة، إضافة إلى متابعة الأعمال الحكومية الأساسية في تقديم الخدمات للمواطنين. خلال فترة الحكم الانتقالي، والتي حددها قرار مجلس الأمن 2254 بـ 18 شهراً، يجب إيجاد آلية يتفق عليها بين مؤسسات وقوى الثورة والمعارضة، لا سيما بمشاركة كل المؤسسات القائمة، بما فيها هيئة التفاوض السورية المعترف بها ضمن قرارات مجلس الأمن، والمنوط بها أيضاً العملية التفاوضية لوضع آليات تشمل أعمالها جميع مكونات الشعب السوري دون إقصاء أحد، للوصول إلى تحديد معايير خاصة لصياغة دستور جديد لسوريا خلال فترة الـ 18 شهراً من الحكم الانتقالي عبر جمعية تأسيسية تُنتخب من مؤتمر عام.
إذا تم تنفيذ هذه الخطوات كما يجب، والتزمنا بها جميعاً وتعاوننا على إنجازها، نكون قد وصلنا في نهاية الـ 18 شهراً إلى مرحلة جاهزة لإجراء الاستفتاء على الدستور. وإن أقر هذا الدستور من قبل الشعب السوري، يتم إجراء أول انتخابات حرة ونزيهة، سواء كانت انتخابات برلمانية أو رئاسية وفق ما سيقرره الدستور الجديد لسوريا.
رووداو: عندما سقط بشار الأسد، أسقط معه نظام الدولة بالكامل، حتى أنه اصطحب معه مبالغ من الذهب وأموالاً كبيرة. إذا نظرنا إلى مواقفها، لا تبدي الدول الغربية مرونة حول مشروع بناء سوريا الجديدة. برأيكم، من وكيف سيبني سوريا الجديدة؟
هادي البحرة: بناء سوريا، أولاً وبشكل رئيسي، يقع على كاهلنا كسوريين جميعاً معاً، سواء الشعب السوري الذي ترك سوريا وهاجر أو طلب اللجوء في دول أخرى، أو النازحين والمهجرين الذين يعيشون في مناطق غير مناطق سكنهم. كل هؤلاء يجب أن يعودوا.
علينا أن نبني على الموجود واعتباره النقطة صفر. أي أننا لم نتخذ أي إجراءات لهدم مؤسسات الدولة وإمكانياتها، بل حافظنا عليها وتعتبر هي النقطة صفر. يجب أن نبني عليها عبر إصلاحها وإعادة هيكلتها، وتزويدها بالخبرات اللازمة والإمكانيات الضرورية. يجب أيضاً أن نعيد رؤوس الأموال الوطنية التي هاجرت من سوريا وتركها أصحابها بسبب وجود النظام المجرم سابقاً، وفقدانهم الأمل في مستقبل سوريا الذي يستحقه أطفالهم وأحفادهم.
الآن هناك فرصة حقيقية لإعادة بناء سوريا كما هي، لكن لا توجد إمكانيات كافية لتمويل هذه المشاريع أو توفير الخبرات الكافية للقيام بها، نظراً لأنه، وبكل أسف، تم تدمير 65% من البنية التحتية للدولة السورية. في الحرب العالمية الثانية، تم تدمير 60% من البنية التحتية في ألمانيا، أما في سوريا فقد تم تدمير 65%، وبالتالي العبء كبير جداً. هذا يتطلب جهوداً ودعماً من الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات الدولية بما فيها برامج الأمم المتحدة. نتوقع أن يكون هناك تجاوب واسع لتحقيق ذلك. منذ أيام الثورة، كانت هناك مؤسسات خاصة بمشاريع التعافي المبكر، ومنها صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا، وهو صندوق مشترك تشارك فيه عدة دول تقدم الدعم وتمول المشاريع. على سبيل المثال، حالياً كل المخابز في المناطق الشمالية المحررة في سوريا تعمل بتمويل من هذا الصندوق. يتم تأمين الدقيق والقمح، دعم مزارعي القمح والخضروات، توفير مصاريف المستشفيات، وتأمين شبكات طاقة شمسية للمستشفيات.
كل هذه المشاريع يتم تنفيذها من خلال هذا الصندوق منذ عدة سنوات، سواء في شمال غرب سوريا أو شمال شرق سوريا. هذا الصندوق سيستمر، وسنعمل على تطويره، إضافة إلى دور الأشقاء العرب والدول الصديقة التي وقفت مع الشعب السوري منذ بداية الثورة، مثل تركيا ومصر وبقية الدول التي أبدت استعدادها للعب دور محوري في هذا الموضوع.
رووداو: عندما تأسس الائتلاف السوري المعارض كان هدفكم إسقاط الأسد وقد سقط. أنتم كائتلاف، هل تفكرون بنقل مقركم الرئيسي إلى دمشق؟ وهل ستعودون إلى دمشق؟
هادي البحرة: الائتلاف الوطني السوري هو ائتلاف قوى سياسية متعددة ومكونات أساسية في المجتمع السوري، وهو سوري. فمن الطبيعي والمنطقي أن يعود إلى الداخل، وهو فعلاً عاد إلى الداخل، ويوجد له عدة مكاتب داخل سوريا، لكنها كانت في مناطق الشمال فقط. كان مقر الائتلاف في مدينة أعزاز، كما توجد مقر الحكومة المؤقتة في مدينة الراعي، ومقرات أخرى في عفرين وبقية المناطق. الآن، يجب أن نعود كوطن واحد وكبلد واحد، وسننقل مقر الائتلاف إلى مدينة دمشق ليكون المقر الأساسي، مع افتتاح فروع له في بقية المحافظات السورية. حالياً نعمل على الترتيبات اللوجستية اللازمة لذلك.
رووداو: ما هو مستوى علاقاتكم مع هيئة تحرير الشام؟ وبحسب معلوماتنا، ذهب وفد من الائتلاف إلى دمشق للقاء الجولاني. ما طبيعة هذا اللقاء وما توقعاتكم لنتائجه؟
هادي البحرة: لم يذهب الوفد إلى دمشق لمقابلة الجولاني. أعضاء الائتلاف الذين يمثلون محافظة دمشق، وبمجرد تحرير دمشق، تم إرسالهم إلى المحافظة ليبدأوا مشاورات واسعة مع القوى المجتمعية والقوى السياسية الموجودة هناك. الهدف الرئيسي لم يكن التواصل مع السيد أحمد الشرع (الجولاني). هذا الموضوع يتم من خلال قيادة الائتلاف، ونتوقع اللقاء قريباً مع السيد أحمد الشرع لتبادل الآراء والخطوات اللازمة القادمة، حتى تعمل كل الأطراف السورية، بمختلف مكونات الشعب السوري، بيد واحدة وبتنسيق مشترك لتحقيق الأمانة الموكلة إلينا.
كل ما يجري الآن هو إما مؤقت أو انتقالي، ومهمتنا هي إنجاز هذا الانتقال وفق تطلعات الشعب السوري، لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية: العدالة، والديمقراطية، وتحقيق دولة مواطنة متساوية في الحقوق والواجبات لكل السوريين. متى ما تم تحقيق العدالة، سيكون الشعب السوري قادراً على اختيار قياداته وتحديد أموره من خلال انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها الجميع.
رووداو: تضم الحكومة الحالية التي شكلتها هيئة تحرير الشام أعضاءها فقط. هل أنتم راضون عنها؟ ألم تتطلعوا لتضم أعضاء منكم؟
هادي البحرة: نقيّم الأمور وفق الأولويات التي ذكرتها في البداية. نحن نمر بمرحلة غير طبيعية وفي ظروف غير طبيعية، وكانت هناك أولويات كبيرة وجسيمة، ليست سهلة أبداً. كان من الضروري أن تكون القدرة على التحكم بالقرار وسرعة التنفيذ أساسية. في هذه المرحلة، التي أسميناها المرحلة المؤقتة، وهي من بداية تحرير المحافظات إلى شهر آذار، الأمور تختلف. الحكومة الحالية التي شكلتها هيئة تحرير الشام هي من حكومة الإنقاذ، ولم تشكل بالتشاور معنا. لا يوجد فيها ممثلون لأحزاب سياسية أو تيارات سياسية أو مؤسسات الثورة القائمة، لكن هذا أمر طبيعي ومفهوم. نحن نتفهم أن تشكيل هيئة الحكومة الانتقالية بعد آذار يجب أن يحقق المعايير وفق القرارات الدولية، وأن تشترك فيها كل الأطراف ذات العلاقة، سواء بالعملية السياسية، لأن لها قبولاً دولياً، وهذا القبول يجب أن نستثمره لصالح الثورة والشعب السوري وكل مكونات المجتمع.
رووداو: الحكومة الحالية التي شكلتها هيئة تحرير الشام هي برئاسة محمد البشير. أنتم كائتلاف، هل تعترفون بها؟ وهل تتوقعون أن تتوصلوا إلى اتفاق معها؟
هادي البحرة: كما تعلم، هو اختار المؤهلين وفق وجهة نظره ممن عمل معهم سابقاً، لسبب رئيسي وهو أنه يعلم أن هناك مهام أساسية يجب أن تُنجز بعد العملية العسكرية مباشرة. فالانضباط في تنفيذ الأوامر وسرعة التنفيذ كان عنصراً أساسياً. لذلك، لم يكن لديه خيار في تعيين شخص لا يعرفه أو لا يستطيع أن يعتمد عليه. في هذه الفترة، استخدم الأشخاص الذين يعرفهم من حكومة الإنقاذ في إدلب. أنا لا أستطيع الحكم على أدائهم لأنني لم أعمل معهم سابقاً، لكن السيد الشرع (الجولاني) يعرفهم ويعرف حدود إمكانياتهم، وبالتالي اتخذ هذا القرار وهو مسؤول عنه.
أما نحن، لم يتم استشارتنا ولم نتوقع أن يتم استشارتنا في هذه المرحلة، لأننا أساساً كنا جزءاً من عملية ردع العدوان. الفصائل العسكرية التي شاركت ضمن غرفة العمليات هي من الجيش الوطني وكانت جزءاً أساسياً من هذه الغرفة، والائتلاف كان داعماً لهذه الغرفة. أتفهم كل المخاوف والانتقادات التي يعبّر عنها السوريون، لكن عند تشكيل الحكومة الانتقالية، ستكون شمولية وشاملة لكل مكونات الشعب السوري. هذه الحكومة ستكون ذات مصداقية ولن تقوم على أساس طائفي أو تمييزي. لن تحتكر من قبل طائفة أو ديانة واحدة، ويجب أن يرى جميع السوريين أنفسهم ممثلين ضمن هذه الحكومة. ليس بالضرورة كأعضاء، ولكن يجب أن تحظى بثقة كل أطياف الشعب السوري.
رووداو: حتى لو لم الجولاني رسمياً رئيساً للحكومة الحالية إلا ان القرارات بيده؟ في الأيام المقبلة إذا أصبح الجولاني رئيساً لسوريا هل ستقبلون بذلك؟
هادي البحرة: الموضوع ليس موضوع رئاسي أو منصب لأن كما قلت هذه الفترة فترة إما مؤقتة بجزء الأول التي من آلان إلى آذار أو هي مرحلة انتقالية، ففي المرحلة الانتقالية من بعد آدار إلى 18 شهرأً إذا بدأنا العد منذ لك الوقت، القرارات يجب أن لا تكون فردية يعني، يجب أن توضع آليات حكم تتيح الشفافية أيضا تتيح الشمولية والمشاركة في القرار كي ترتفع نسبة الالتزام بالقوانين طمأنينة الشعب وراحته أنه ليس هناك جهة واحدة متحكمة بالقرار وأن هناك تمثيلاً أوسع لمشاركة بآليات اتخاذ القرار. نحن نحكم بناءً على الواقع بناءً على الأداء بناءً على التجاوب فمن نراه يعمل جيداً ونرى عمل جيداً سنكون من الشاكرين والمادحين للعمل الجيد، ومن يعمل عملاً سيئاً أو سلبياً سنكون ناصحين بالإصلاح الخطأ إن أصلح يكون رائع إن لم يصلح سنستمر يعني معارضة هذا الإجراء والمطالبة بإصلاحه إلى أن يتم إصلاحه. كلنا يجب أن نضحي في هذه الفترة ونكون مسؤولين للعبور بسوريا بسلام حتى نهاية المرحلة الانتقالية وصياغة مسودة دستور جديد نستفتي عليها ثم تكون صناديق الاقتراع هي الحكم النهائية.
رووداو: هناك في صفوف هيئة تحرير الشام كوادر ومسلحون أجانب كثيرون، نشرت لهم فيديوهات كثير في دمشق واللاذقية، وهؤلاء ارتكبوا أخطاء وجرائم؟ ما هو موقفك الائتلاف الوطتي السوري إزاء هؤلاء المسلحين؟ وهل يشكل وجودهم خطراً على مستقبل سوريا؟
هادي البحرة: كما تعلم نحن كائتلاف لا نقود هيئة تحرير الشام، لكن نحن على علم بأن حركة تحرير هيئة تحرير الشام منذ فترات قديمة بدأت بإخراج المجموعات الأجنبية الغير سورية خارج سوريا، أو وجدت طرق للتعاطي معها والتعامل معها ما بقي منهم يعني ان بقي، إن كانوا تحت سيطرة هيئة تحرير الشام فهيئة تحرير الشام يجب أن تعالج هذا الوضع. أما هناك بعض المجموعات غير المنضوية تحت هيئة تحرير الشام، بالذات في اللازقية كنت أقرأ تقرير وصلني أنه في حالات كثيرة من الفوضى من السرقات من حرق حتى بعد المنشآت من جهات ليست من داخل هي التحرير الشام، كانت مجموعة من المسلحين يدعون أنهم من هيئة تحرير الشام وسنفعل كذا وكذا لاخافة الناس. هيئة تحرير الشام أعلنت أرقاماً للأمن والشرطة في حال وجود أي شكوى على المواطن أن يتصل بهذا الرقم لتقوم هي بمعالجة الضرر. وإذا لم تتم معالجته فتحدثوا معنا أو أي طرف آخر ونحن سنتكلم معهم. لكن بالتأكيد تابعنا احترام حقوق الإنسان عدوم تجاوز الحريات، وكانت هناك نسبة انضباط لا أقول 100% بل 95% ، بقي في 5% وهي مخالفات ليست فيزيائية بعضهم مثلاً سأل واحد سؤال كان من المفترض ألا يسأله أو فيها تجاوز على الخصوصية أو تجاوز معنوي أما من حيث الاعتداءات الجسدية اغتحام منازل هي كانت تقريباً معدومة.
رووداو: للائتلاف الوطني حكومة ضمن إطاره، والآن بعد أن تحقق هدف الائتلاف بإسقاط الأسد، هل ستستمر هذه الحكومة؟ وإذا استمرت، ما هو دورها؟
هادي البحرة: دعني أولاً أتكلم عن النظام الداخلي للائتلاف. في النظام الداخلي للائتلاف توجد مادة صريحة تنص على أنه فور سقوط النظام، يجب على الائتلاف الدعوة إلى مؤتمر وطني عام خلال فترة أقصاها 90 يوماً من سقوط النظام. فهذه هي الخطوة الأولى، لكن الائتلاف سيبقى موجوداً إلى أن تُجرى الانتخابات الحرة والنزيهة، سواء كانت رئاسية أو برلمانية. في تلك اللحظة، ينحل الائتلاف أو يمكن لأعضائه أن يستمروا كائتلاف سياسي يخوضون الانتخابات معاً وينافسون بقية الائتلافات السياسية.
إعادة صياغة الدستور قبل إجراء الانتخابات
رووداو: هل هناك مقترح أو آمال لإجراء انتخابات في سوريا؟ وفي حال وجوده، كم من الوقت يتطلب التحضير لها؟
هادي البحرة: لا يمكن إجراء انتخابات في سوريا وفق الدستور الحالي، فلا بد من إعادة صياغة الدستور من قبل جمعية تأسيسية تُنتخب إما من المؤتمر العام أو وفق الآلية التي سيتم التوافق عليها بين مؤسسات المعارضة الأساسية. بعد تشكيل الحكومة الانتقالية والدعوة إلى مؤتمر عام، يجب أن نخرج منه بحكومة انتقالية ولجنة لإعادة صياغة الدستور، ثم تحقيق البيئة الآمنة والمحايدة. هذه الفترة الانتقالية تمتد لـ 18 شهراً.
رووداو: إسرائيل قصفت مواقع دفاعية ونقاطاً استراتيجية في سوريا وهي تسيطر الآن على قسم من الأراضي السورية. كيف ترون ذلك؟ وكيف ستكون علاقات سوريا مع إسرائيل؟
هادي البحرة: بالنسبة لنا، نستنكر هذا الاعتداء السافر، الذي كان توقيته أيضاً خاطئاً، وكان إشارة سلبية للشعب السوري وهو يمر بهذه الظروف الصعبة ويفتح صفحة جديدة من تاريخه. أن تكون البداية بضربات جوية واعتداء على الأراضي السورية أمر غير مقبول. ما وصلنا من بعض الأطراف الدولية يشير إلى أن تجاوز خطوط وقف إطلاق النار وخطوط الهدنة هو مؤقت ولن يستمر، وما وصلنا أيضاً أنهم لم يتجاوزوا المنطقة المحايدة أو العازلة. لكن استهداف مقومات الجيش السوري، أو ما تبقى منها، لأن كثيراً منها دُمر، هو أمر يدفع ثمنه الشعب السوري. هذه الإجراءات تزيد التوتر في المنطقة وتعمق العداء بين الشعوب.
أولاً، نستنكر هذه الاعتداءات بشدة، ونطالب الأمم المتحدة والدول الصديقة والشقيقة بالضغط لإلزام إسرائيل بالالتزام بخطوط الهدنة والاتفاقيات الموقعة. كما نطالب الجميع بضرورة عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط لحل كل هذه القضايا العالقة.
رووداو: هل تفضلون أن تكون علاقات سوريا وإسرائيل جيدة مثل علاقاتها مع تركيا والإمارات؟ وفي حال لم تكن جيدة، إلى أي مدى تستطيع سوريا أن تصبح دولة قوية وتعيد بناء نفسها؟
هادي البحرة: كل منطقة الشرق الأوسط عصفت بها الحروب والقتل والتدمير لأجيال. أتذكر نفسي وقبلي والدي، شهدنا حرباً ثم سنوات دون حرب، ثم حرباً ثم حرباً. هذه العملية المستمرة من التدمير لا يمكن أن تستمر. لابد لكل قيادات وشعوب المنطقة أن تدرك أنه في النهاية يجب أن نعيش معاً على هذه الأرض، وهي تتسع للجميع. عوضاً عن هدر الأموال والموارد على الحروب والقتل، يمكننا استثمارها في التنمية المستدامة، تطوير المجتمعات، التعليم، الصناعة، التجارة، وخلق فرص عمل. لابد من الانتقال إلى مرحلة استقرار وازدهار تتمتع بها كل شعوب المنطقة. هذا يتطلب حل القضايا العالقة وبؤر الأزمات في المنطقة. كلنا نعلم أن القضية الفلسطينية جزء منها، ونظام الأسد كان جزءاً منها أيضاً. الحمد لله، تمكنّا كشعب سوري من إزالته، مما أتاح لنا بيئة إيجابية للعمل على صناعة السلام، ليس فقط للشعب السوري، بل أيضاً للشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي، ولكل شعوب المنطقة بشكل كامل. السلام يجب أن يُبنى على حلول عادلة ومقنعة للجميع، ويفتح فرصاً للازدهار المشترك.
الحوار الكوردي - الكوردي بداية لتأسيس حوار سوري أوسع
رووداو: في هذا الوقت، حيث تتجه أنظار جميع الفصائل وهيئة تحرير الشام إلى دمشق، هاجم الجيش الوطني كوباني ومنبج، ما تسبب بخسائر أيضاً. لماذا هاجم الجيش الوطني كوباني ومنبج؟ وما هو موقفكم بهذا الشأن؟
هادي البحرة: كما ذكرت سابقاً، هناك أزمات في المنطقة وأزمات داخل سوريا. من قواعد العمل السياسي الأساسية أن تراعي دول الجوار أمن وسلامة أراضي الدول الأخرى، وأن تُبنى العلاقات على ضمانات مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
بكل أسف، كما تعلم، توجد تنظيمات داخل سوريا لها ارتباطات بتنظيمات مصنفة إرهابياً في تركيا. هذه التنظيمات أقامت أذرع عسكرية لها داخل سوريا ولها ارتباطات على مستوى قيادي بأعمال تشكل خطراً على الدولة التركية. وعندما يكون هناك خطر على دولة، فإنها لن تقف مكتوفة الأيدي.
في الداخل السوري، لا نتطلع ولا نريد أن تكون سوريا المستقبل مصدر تهديد لأمن وسلامة أي دولة من دول الجوار، وبالمثل، يجب ألا تكون أراضي الدول الأخرى مصدر تهديد لأمننا وسلامتنا الوطنية. لقد تحدثت سابقاً عن وجود بعض الأجانب في اللاذقية. حان الوقت لانسحاب كل القيادات والقوات الأجنبية غير السورية من الأراضي السورية. هذا بات مرفوضاً. نعود كسياسيين جميعاً لوضع الهم السوري الوطني أولاً. يجب فصل أي علاقة مع PKK، والقبول بالحوار السوري – السوري مع بقية المكونات، بدءاً بالمكون الكوردي. من غير المقبول أن تكون هناك تجاذبات بهذا المستوى داخل المجتمع الكوردي. الحوار الكوردي – الكوردي هو بداية تؤسس لحوار سوري أوسع وأساسي. في هذا الحوار السوري، نهدف إلى العمل يداً بيد لبناء سوريا المستقبل، كما ذكرت، لتحقيق دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، بلا ميزة أو تمييز لأي طرف أو سبب في سوريا المستقبل.
رووداو: تركيا تقول إنها لن تفسح المجال لأن تكون أي منطقة تحت سيطرة قوات كوردية، سواء في الحسكة أو كوباني أو قامشلو. هل توافقون أن تصبح هذه المناطق تحت سيطرة الجيش الوطني؟
هادي البحرة: أعود وأكرر، بالتأكيد فإن مستقبل سوريا سيقرره السوريون أولاً وآخراً. لكن عندما نفتح نحن نوافذ أو عندما يكون جزء منا سبباً في تهديد أمن وسلامة الدول الأخرى، علينا أن ندرك أن تلك الدول ستتابع مصالحها وتدافع عن أمنها، وستتدخل حينها. لو لم نعطها الذرائع لما تدخلت، سواء في العراق أو في كل المنطقة. العراق، على سبيل المثال، فتح المجال للنفوذ الإيراني والدور السلبي الذي لعبته إيران في سوريا من خلال الميليشيات الإيرانية الموجودة هناك.
نحن نتطلع إلى مستقبل سوريا كدولة موحدة، أرضاً وشعباً. كما أننا ندرك أن إدارة الدولة لا يمكن أن تستمر كما كانت قبل العام 2011. لابد من تطوير الأنظمة والقوانين للإدارة المحلية، وتوسيع الصلاحيات الإدارية للمجالس المحلية. ينبغي إدخال عمليات انتخابية لمناصب المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات، وتوزيع هذه الصلاحيات الإدارية على جميع المحافظات السورية. لا نطمح إلى تقسيم سوريا على أساس عرقي أو ديني. أنا، كمواطن كوردي، أريد أن أتمتع بنفس الحقوق والواجبات في الحسكة كما في السويداء أو حوران، أن أتمكن من السكن والعمل في أي مكان دون أن يعترض أحد. نحن بحاجة إلى التكاتف وبناء الثقة الوطنية والعمل معاً، دون أن تكون هناك ميزة لأحد على آخر. عندما أعبر عن رغبتي في الحوار معك، يجب ألا تطلب مني الانضمام إلى مشروعك لأن لديك بندقية. عليك أن تضع البارود جانباً ونجلس للحوار على قدم المساواة. لا يجوز أن يكون هناك من يملك ومن لا يملك، أو من يمنح ومن يُمنح. علينا أن نتفق على إدارة الدولة وهيكليتها وعلى جميع الأمور المتعلقة بالحكم فيها.
رووداو: سواء الائتلاف أو تركيا يعارضان أن يكون لحزب العمال الكوردستاني سيطرة على هذه المناطق. إذا كان هناك بديل عن حزب العمال، كقوة كوردية أخرى تابعة للمجلس الوطني الكوردي في سوريا مثلاً، هل كنتم أنتم أو تركيا ستقبلون بها؟ هل السبب المباشر هو وجود قوى كوردية أم حزب العمال الكوردستاني؟
هادي البحرة: بالتأكيد، تماماً. نفس الفكرة. أنت تعلم أن PKK ليس تنظيماً سورياً، بل تنظيماً تركياً. قواته وميليشياته ليست على علاقة مباشرة بالسوريين، وقد استخدمت سوريا كأرض لانطلاق عمليات تهدد أمن تركيا. بالتأكيد، لو كانت القوات مع المجلس الوطني الكوردي أو مع الائتلاف، لما كانت تركيا ستنقلب على الائتلاف. علينا أن نبحث عن حلول. الميليشيات الإيرانية، مثلاً، والدور المخرب الذي قامت به، عندما خرجت، حُلّت المشكلة وبدأت التحقيقات. الأمر نفسه ينطبق هنا. نحتاج إلى استخدام كل الجهود لتجنب المزيد من إراقة الدماء. يجب أن يطالب كل الشعب الكوردي والتنظيمات الكوردية بخروج تلك القوات. انتهينا، نشكركم. انسحبوا من أراضينا، ونحن سنجلس مع إخوتنا السوريين ونقرر مستقبل سوريا.
رووداو: سنأتي إلى مسألة اللاجئين. بعد سقوط دمشق، عاد اللاجئون إلى مناطقهم، لكن الذين هُجّروا من عفرين منذ سنوات عندما أرادوا العودة إليها وجدوا في طريقهم عقبات. وبحسب المعلومات، يتعرض قسم منهم لإجراءات تحقيقية، ويُطلب من كل شخص دفع 500 دولار للعودة. هل أنتم راضون عن هذا الأمر؟ وماذا يجب أن يُفعل لإيقاف ذلك؟ وما هو موقفكم؟
هادي البحرة: بالتأكيد، هذا التصرف هو أحد الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان، وهو جريمة يعاقب عليها القانون. وبالتأكيد، لن تستمر مثل هذه الانتهاكات والجرائم. أرى كما أراك أمامي، أنه خلال العام القادم، ومن بدايته، قبل نهايته بكثير، لن نجد أي من هذه الانتهاكات مثل فرض ضرائب جزافية أو أتاوات، أو كما تقول، مطالبة الشخص بدفع المال للعودة إلى منزله. هذا شيء مرفوض، غير إنساني، وغير أخلاقي، والذي يرتكبه يرتكب جريمة.
لذلك، كلنا ضد مثل هذه الإجراءات. وعندما نعلم بحوادث معينة، نحاول حلها بشكل سريع ومباشر. كما ذكرت، أهم هدف لنا الآن هو عودة أصحاب البيوت إلى بلدهم، قريتهم، ومنزلهم. لكن هذا يتطلب تخطيطاً جيداً، لأن في كل الحروب عندما تقع، ينزح الناس من المناطق التي تشهد أعمالاً عسكرية إلى المناطق الأكثر أماناً، وقد تحدث تجاوزات، مثل السكن في بيوت لا يملكونها. علينا معالجة هذا الموضوع بحيث يعود الشخص للسكن في بيته، وفي الوقت نفسه، نوفر السكن للعائلات النازحة. مثلاً، من ريف دمشق، عندما يستطيع الناس العودة إلى ريف دمشق، تُحل مشكلة كبيرة. في السابق، كانت المشكلة في ريف دمشق، حيث كان هناك نازحون يسكنون في بيوت، ولم يكن من الممكن إخراجهم دون تأمين سكن بديل لهم. الأمور الآن أفضل، ولن يستتب الأمن والاستقرار إلا بعودة أهالي كل المناطق إلى مناطق سكنهم الأصلية.
النظام الفيدرالي لا يقرره الائتلاف أو المجلس الوطني
رووداو: المجلس الوطني الكوردي، الذي يشكل جزءاً من المعارضة، طرح فكرة الفيدرالية لسوريا، بحيث يدير الكورد إقليمهم بأنفسهم. وتحدث عن ذلك نائب رئيس الائتلاف، عبد الحكيم بشار، قبل يومين. ما هو موقف الائتلاف بهذا الشأن؟ وكيف تنظرون، كهادي البحرة، لمعادلة مستقبل الحكم في سوريا؟
هادي البحرة: بالنسبة للقرار حول هذه القضايا، لا يحق للائتلاف ولا للمجلس الوطني الكوردي وحدهم أن يجلسوا ويقرروا هذا الأمر، لأنه يؤثر على الدولة ككل. هذا سيكون محط حوار ضمن لجنة صياغة الدستور. لجنة صياغة الدستور يجب أن تدرس كل الحلول، بما في ذلك شكل نظام الحكم في سوريا، سواء كان نظاماً برلمانياً، رئاسياً، مختلطاً، أو مركزياً، وما هي حدود صلاحيات المجالس المحلية.
لا شيء ممنوع من البحث ضمن نقاشات اللجنة الدستورية، التي ستعمل للتوصل إلى توافقات. قد تقدم اقتراحاً أو ربما اقتراحين لنفس البند، وتوضح أنها لم تتوصل إلى توافق، وتقترح خيارين "ألف" و"باء"، والشعب يقرر وقت الاستفتاء أيهما يعتمد. لكنني أريد التركيز على نقطة هامة جداً لا يعرفها الكثير من الناس. برأيي، أكبر عدد من إخوتنا الكورد في سوريا موجود في دمشق، وليس في شرق سوريا أو في حلب. الكورد لم يكونوا منعزلين عن الشعب السوري، بل كانوا دائماً مع الشعب السوري في كل مناطقه. تجد الكورد موزعين ومنتشرين في كل المحافظات السورية. هناك عائلات لا تتحدث الكوردية حالياً، لكن أصولها كوردية. أنا، على سبيل المثال، أم زوجتي من عائلة كوردية، لكنها لا تتحدث الكوردية، ومع ذلك، أصلها كوردية. لذلك، يجب أن نبحث في كل هذه الأمور ونتوافق على الحلول، ولا مشكلة لدينا في ذلك.
رووداو: في الأيام الأخيرة، تحاول فرنسا وأميركا التوسط بين المجلس الوطني الكوردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية، أي قسد والجهات التي تطلقون عليها حزب العمال الكوردستاني. يرغبون في أن يتوصلوا إلى اتفاق فيما بينهم وأن يتوجهوا إلى دمشق بصوت واحد. إذا حصل ذلك، ما ستكون أجندتكم مع المجلس الوطني الكوردي؟ وما هي الأضرار التي قد تلحق بتركيا من وحدة الموقف الكوردي؟ وما الذي ستجلبه هذه الوحدة للكتل السورية الأخرى العسكرية والسياسية؟
هادي البحرة: كنا من المشجعين والداعمين للحوار الكوردي منذ انطلاقاته الأولى. كما تعلم، هذه ليست المرة الأولى، فقد كانت هناك تجارب سابقة عديدة. للأسف، في كل مرة كانوا يحققون فيها تقدماً، يتوقفون، ثم يحققون تقدماً جديداً ويتوقفون مرة أخرى. برأيي، الأوضاع الحالية وما تمر به المنطقة من تغيرات وتبدلات كبيرة جداً تقتضي إعادة التفكير وإعادة حساب الخطوات. أتمنى أن يعيد إخوتنا الكورد التفكير فيما قلته. الاتفاق سيكون سهلاً إذا فصلوا أنفسهم عن PKK وابتعدوا عنه تماماً وأبعدوا العناصر الأجنبية عنهم وأخذوا حرية القرار بأيديهم. عندها، سيكون الاتفاق بينهم وبين المجلس الوطني الكوردي سهلاً وليس صعباً. على كل حال، كما ترى، في سوريا والمنطقة هناك تحركات لم تكن متوقعة سابقاً، لكنها حالياً أصبحت ممكنة. هذا يدل على توافقات خلف الكواليس بين قوى لم يكن متوقعاً أن تتفق. أتمنى أن تكون نتيجة كل هذه التحركات إيجابية، وأن نحضر حفل توقيع اتفاق تفاهم بين إخوتنا الكورد، ونبدأ الحوار الوطني الشامل لكل سوريا.
رووداو: أميركا وأوروبا ودول أخرى تشترط لدعم سوريا الجديدة أن يكون الكورد والدروز والمسيحيون جزءاً من إدارتها. ما هو موقفكم بهذا الشأن؟
هادي البحرة: كما يقول السوريون: الكورد، الشركس، الأرمن، الإيزيديون، الشيعة، العلويون، السنة، التركمان، الآشوريون، وكل الشعب السوري. سوريا، بتنوع مكوناتها الدينية والعرقية، هي بلد رائع. نحن كسوريين نقول: سوريا لا تكتمل إلا بوجود كل هذه المكونات، ولا يمكن أن تعيش بسلام إلا إذا تمتعت كل هذه المكونات بنفس الحقوق والواجبات. الأساس هو المواطنة المتساوية. لا يمكن أن يدافع الإنسان عن وطن لا يوفر له الخدمات الأساسية، وأهم خدمتين مطلوبتين من الدولة هما العدل والأمن. عندما تقدم الدولة العدل والأمن لمواطنيها، يتخلى المواطن عن بعض حرياته الشخصية للحصول على هذه الخدمات. نحن نؤكد دائماً على ضرورة بناء دولة المواطنة المتساوية. لا يجوز التمييز بين مكون وآخر أو بين دين وآخر. هذا البلد يتسع لنا جميعاً، لكنه بحاجة إلى جهودنا جميعاً لنحوله إلى جنة.
رووداو: سؤالنا الأخير لك ليس كرئيس للائتلاف أو سياسي معروف، بل هادي البحرة كأب أو مدني. بلادكم عانت منذ 15 عاماً من الإرهاب وستُبنى من جديد بعد سقوط الأسد. ما هي مشاعركم ورسالتكم كمواطن؟
هادي البحرة: قولاً واحداً، الأهداف الأساسية لدولتنا يجب أن تكون أولاً تحقيق العدالة للجميع بشكل كامل، وأن يكون نظام الحكم ديمقراطياً تعددياً مبنياً على التعددية الحزبية والإيمان بتداول السلطة سلمياً عبر انتخابات حرة ونزيهة. الالتزام الثالث والأهم أن تفهم الأحزاب والتيارات السياسية أنه عندما تفوز بانتخابات لتحكم سوريا، فهي تمثل الشعب السوري كله وتحكم وفق الدستور وليس وفق عقيدتها الحزبية. هذه العقيدة تمثل الحزب نفسه لكنها لا تمثل بقية السوريين. لذلك، يجب أن تلتزم الأحزاب السياسية بالمعايير التالية: الإيمان بالتداول السلمي للسلطة. عند الفوز بالانتخابات، الحكم وفق الدستور وليس وفق البرنامج العقائدي، مع الاحتفاظ بالعقيدة للحزب نفسه، وعدم إقصاء أي طرف سياسي في سوريا المستقبل طالما كانت أفكاره بعيدة عن العنف والتطرف.
هذه الأهداف الثلاثة يجب أن تكون أساس عملنا السياسي. وكدولة، كما قلت، العدالة هي الأساس، مع احترام حريات وحقوق المواطنين، وتحقيق نظام ديمقراطي يكفل حقوق الجميع ويضمن حرياتهم في ظل سيادة القانون.
رووداو: عندما علمتم أن الأسد سقط، ما كان شعوركم على المستوى الشخصي وأيضاً كسياسي سوري ترك بلاده منذ فترة طويلة؟ وهل لديكم خارطة طريق للعودة؟
هادي البحرة: كنت أتوقع سقوط الأسد، ومنذ أكثر من ستة أشهر، كنت في لقاءاتنا الدولية أقول للدول إن سياساتهم كانت خاطئة. افترضوا أن الأسد قد ربح وبدأوا تطبيع العلاقات مع نظامه، لكنهم لم يفهموا أن الوضع في سوريا بات ديناميكياً وولّدته معاناة الشعب السوري وعذابه، وهو الذي سيحدد النتائج وليس هم.
قلت لهم إن لحظة انهيار النظام ستأتي فجأة، لأنه كان بحاجة إلى ضربة نهائية ولحظة تاريخية مناسبة للتعامل مع الدور الروسي والإيراني والطائفي لحزب الله. فعلياً، ظروف عدة أدت إلى ذلك، أبرزها أحداث غزة وجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وانجرار لبنان إلى الحرب. مما اضطر حزب الله لسحب بعض ميليشياته وقياداته من سوريا للتركيز على الحرب في لبنان. في الوقت نفسه، حدث التوتر مع إيران، وتم قصفها، مما جعل تحركاتها محدودة. العملية العسكرية كان يجب أن تبدأ سابقاً، لكنها تأجلت بسبب الوضع في فلسطين ولبنان. عندما حدثت الهدنة في لبنان، ولم يعد اللبنانيون يقاتلون، بدأت العملية العسكرية في مناطقنا. شعرت وقتها بالعدالة.
تذكرت المعتقلين في سجون النظام، الأسر المفككة، حيث انقسمت العائلات بين موالين للنظام ومعارضين له، والشهداء الذين دفعوا دماءهم أو ماتوا قهراً. تذكرت عند سقوط النظام شخصيات كالساروت، وفدوى سليمان، ومي سكاف التي قالت: "إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد"، وماتت قهراً. كل هؤلاء الشهداء دفعوا حياتهم من أجل مستقبل أفضل لسوريا. لذلك، نحن كسوريين نحمل أمانة كبيرة، ويجب أن يكون الناتج انتقالاً سياسياً يحقق العدالة والحرية والديمقراطية، وأن نكون أوفياء لتضحياتهم.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً