رووداو ديجيتال
تلقى رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، دعوة رسمية لزيارة قصر الإليزيه وتناول الغداء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث من المقرر أن يناقش الجانبان التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية.
في حديث خاص لشبكة رووداو الإعلامية، أكد المتحدث باسم رئاسة إقليم كوردستان، دلشاد شهاب، أن هذا اللقاء ليس الأول بين نيجيرفان بارزاني وإيمانويل ماكرون، مشيراً إلى أن جميع اللقاءات السابقة بين الطرفين كانت مثمرة وبنّاءة.
لكنه أشار إلى أن "هذا اللقاء يحمل طابعاً خاصاً نظراً لتوقيته، إذ تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة من التحولات العميقة، ويعكس اللقاء حقيقة أن إقليم كوردستان ورئيسه أصبحا فاعلين أساسيين في هذه التحولات".
وأكد إلى أن الرئيس الفرنسي لطالما كان مدركاً لأهمية الدور الذي يؤديه إقليم كوردستان، معرباً عن توقعه بأن يكون لقاء الغد امتداداً لهذا التفاهم المشترك، وأن محاور النقاش ستشمل العلاقات الثنائية والوضع العام في المنطقة.
كما أوضح دلشاد شهاب أن موقع إقليم كوردستان ودور رئيسه قد شهدا تحوّلاً ملحوظاً، قائلاً: "لقد انتقلنا من مرحلة الدفاع عن موقع الإقليم إلى أداء دور محوري في مجريات الأحداث على مستوى المنطقة".
تحدث دلشاد شهاب عن اللقاءات الأخيرة التي أجراها نيجيرفان بارزاني مع قادة دول المنطقة، من بينهم رئيس دولة الإمارات، ورئيس الجمهورية التركية، والرئيس الفعلي لسوريا".
ونوّه في هذا السياق، إلى أن "المكانة التي بات يُنظر بها إلى إقليم كوردستان اليوم باعتباره طرفاً أساسياً في معادلة التغيير الإقليمي، هي أمر يدعو للفخر لكل مواطن كوردستاني".
تُعد هذه أول زيارة لنيجيرفان بارزاني إلى باريس هذا العام، بعد مشاركته في كانون الأولالماضي في افتتاح كاتدرائية نوتردام.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا عضو فاعل في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والذي يضم أكثر من 80 دولة. وفي إطار هذا التحالف، تنشر نحو 600 جندي في العراق، يتمركز معظمهم في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان.
منذ تولي إيمانويل ماكرون رئاسة فرنسا في عام 2017، التقى نيجيرفان بارزاني بما لا يقل عن سبع مرات، في كل من باريس وأربيل وبغداد.
وكانت آخر زيارة رسمية ودبلوماسية لنيجيرفان بارزاني إلى باريس في تشرين الثاني 2023، بدعوة من إيمانويل ماكرون، حيث جرى خلالها بحث العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين إقليم كوردستان والعراق وفرنسا.
أدناه نص مقابلة رووداو مع دلشاد شهاب:
رووداو: دعوة رئيس إقليم كوردستان رسمياً إلى قصر الإليزيه، ووجبة غداء مع الرئيس الفرنسي؛ الفرنسيون أنفسهم يقولون إن الغداء بالنسبة لهم مهم جداً لمناقشة القضايا الجوهرية. نود أن نعرف ما هي القضية المهمة التي سيناقشها الرئيسان الشابان غداً؟
دلشاد شهاب: كما تعلمون، هذا ليس اللقاء الأول ولا الدعوة الأولى التي يتلقاها رئيس إقليم كوردستان من الرئيس ماكرون؛ فقد كانت هناك لقاءات سابقة، وجميعها كانت مثمرة. لكن لقاء هذه المرة يتميّز بخصوصية من حيث التوقيت، خاصة في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تغيّرات كبيرة، لا تزال مستمرة حتى الآن. هذا يعكس حقيقة أن موقع إقليم كوردستان، ودور رئيس إقليم كوردستان في هذه الأحداث، هو دور مؤثر ومحوري. وقد تعامل الرئيس ماكرون مع هذا الدور بجدية خلال اللقاءات السابقة، ومن المتوقع أن يفعل ذلك أيضاً في لقاء الغد. من المقرر أن تتمحور النقاشات حول قضايا وآراء ووجهات نظر سيادة رئيس إقليم كوردستان بشأن التطورات الجارية في منطقتنا، سواء في العراق وإقليم كوردستان أو على مستوى المنطقة بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، ستُناقش العلاقات الثنائية، والعلاقات التاريخية العميقة التي تربط فرنسا بإقليم كوردستان والشعب الكوردي، وهي علاقات تعود جذورها إلى ما قبل إعلان الإقليم رسمياً.
لطالما كانت فرنسا داعماً رئيسياً لبناء التجربة الديمقراطية في كوردستان، وترسيخ النظام الفيدرالي، والعلاقات الرسمية، بدءاً من افتتاح القنصلية الفرنسية في أربيل في وقت مبكر، وصولاً إلى المستوى الراهن من التعاون، وهو ما يمثل مراحل مهمة وتاريخية ما زالت حاضرة في ذاكرة كل مواطن كوردستاني. وإذا أردنا التذكير بأحدث المحطات، ففي عام 2017، عندما أُغلقت الأبواب بإحكام أمام إقليم كوردستان وكانت التجربة الكوردستانية مهددة بالانهيار، فقد كان مفتاح إعادة فتح هذه الأبواب بيد سيادة رئيس إقليم كوردستان والرئيس الفرنسي ماكرون. إن هذه العلاقة والحرص على استمرارها تحظى بأهمية خاصة بالنسبة لنا، وبالنسبة لسيادة رئيس إقليم كوردستان، ولا شك أن لقاء الغد يُعد من أبرز اللقاءات في هذا السياق.
رووداو: تحدثنا بالأمس مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ والبرلمانيين الفرنسيين، وشاركتهم صوراً من اجتماعات رئيس إقليم كوردستان التي عُقدت مؤخراً في أبوظبي وتركيا، وقد أبدوا إعجابهم الكبير بتلك اللقاءات. برأيكم، ما مدى أهمية العلاقة بين رئيس إقليم كوردستان والرئيس الفرنسي في إعادة صياغة سياسة الشرق الأوسط، والعراق أيضاً؟
دلشاد شهاب: قبل أن أتحدث عن هذه اللقاءات الأخيرة، أود الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي التغيير الكبير الذي طرأ على موقع ودور إقليم كوردستان. في السنوات الماضية، عندما كانت تُتاح مثل هذه الفرص لإقليم كوردستان، كان هدفنا الأساسي يتمثل في طلب الدعم والمساندة لإنجاح العملية الديمقراطية في العراق، وترسيخ النظام الفيدرالي، والمساهمة في بناء دولة موحدة تُدار وفق أسس دستورية. ومع ذلك، لا يزال هناك حتى اليوم قدر من سوء الفهم حول موقع ووضع إقليم كوردستان داخل العراق، وفي المنطقة بشكل عام. لكن اليوم تغيّر هذا الموقع، وتحوّل دور رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، من مجرد الدفاع عن وضع الإقليم، إلى أداء دور فاعل ورئيسي في التغيرات الجارية على مستوى المنطقة.
اللقاءات التي جرت مؤخراً، سواء مع رئيس دولة الإمارات، أو تلك التي انعقدت خلال منتدى أنطاليا خلال اليومين الماضيين، وخاصة اللقاءات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الفعلي لسوريا، ووزير الخارجية الروسي، كلها تحظى بتقدير واهتمام على مستوى دولي. الطريقة التي يُنظر بها اليوم إلى إقليم كوردستان، والتعامل معه باعتباره طرفاً أساسياً في المعادلة الإقليمية، هي فعلاً مسألة تستحق الفخر لكل مواطن كوردستاني. كما أشرتُ سابقاً، إذا ما عدنا إلى عام 2017، وقارنا الوضع آنذاك بما هو عليه الآن، فسوف نرى بوضوح التحوّل الكبير الذي شهده موقع إقليم كوردستان، ودور نيجيرفان بارزاني على الصعيد الإقليمي والدولي.
اليوم، يُستشار رئيس إقليم كوردستان، وتُطلب منه الآراء والأفكار في ما يتعلق بمستقبل المنطقة، وكيفية التعامل مع الأحداث الجارية، وهذا تطوّر مهم، وفرصة كبيرة ليس فقط لشعب كوردستان، بل للكورد في أجزاء أخرى من المنطقة أيضاً.
على سبيل المثال، كانت من بين القضايا المهمة المطروحة في اللقاءات الأخيرة، أو في لقاءات سابقة، قضية الكورد في روجآفا، وعملية السلام الجارية في تركيا. هذه كلها ملفات حساسة ومؤثرة، وأنا على يقين بأن اهتمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفرنسا بالتغيّرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وحرصهم على التشاور مع نيجيرفان بارزاني في هذه الملفات، يمثل دليلاً مشجعاً على موقع ودور إقليم كوردستان في معادلة المنطقة.
رووداو: ما مستوى العلاقات بين فرنسا وإقليم كوردستان؟
دلشاد شهاب: في الذكرى المئوية لرحيل السيدة المحترمة دانييل ميتران، التي أُقيمت في أربيل، قُدمت بانوراما تاريخية تعكس عمق العلاقة بين فرنسا وإقليم كوردستان. من يتأمل تلك البانوراما بتمعن، يدرك الأهمية التاريخية والجذور العميقة لهذه العلاقة، التي لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت حاضرة في كل المراحل المهمة. كان لفرنسا دور مؤثر حتى قبل انتفاضة كوردستان وتحرير إقليم كوردستان، ثم خلال سنوات الحكم الذاتي بين عامي 1991 و2003، وصولاً إلى ما بعد سقوط النظام السابق. في تلك الفترات جميعها، لعبت فرنسا دوراً محورياً، خاصة في قرار حماية إقليم كوردستان ومنع عودة تهديدات النظام البائد إلى الإقليم.
لذلك، نحن نرى أن العلاقة بين فرنسا وإقليم كوردستان قد تجاوزت مستوى التعامل الدبلوماسي الرسمي، لتصبح علاقة مشاعر وثقة متبادلة. فهناك شعور راسخ لدى كل مواطن كوردستاني بأن فرنسا كانت دائماً إلى جانب شعب كوردستان، في السراء والضراء، وأنها لم تتخلَّ عن الإقليم في أحلك الظروف. ذلك التاريخ المشترك والتقارب العاطفي والسياسي خلقا أرضية قوية لصداقة تُشعر بها على المستوى الشعبي، وليس فقط على المستوى الرسمي. ومن هنا تأتي أهمية الطريقة التي تُعامل بها فرنسا إقليم كوردستان اليوم، والتي تُجسّد في هذا اللقاء الجديد بين رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
إذا لم أكن مخطئاً، فهذا هو اللقاء السابع بين نيجيرفان بارزاني والرئيس ماكرون، وهناك بالتأكيد لقاءات أخرى عُقدت على هامش مناسبات إقليمية ودولية متعددة. كما أن زيارة الرئيس ماكرون إلى إقليم كوردستان ضمن إطار زيارته للعراق، تعكس مكانة الإقليم في السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط. فرنسا تؤدي اليوم دوراً مؤثراً ومتقدماً في المنطقة، ويمكن القول إنها في طليعة الدور الأوروبي في الشرق الأوسط. واختيارها لشراكة حقيقية مع إقليم كوردستان، والعمل المشترك مع نيجيرفان بارزاني من أجل مستقبل المنطقة، يمثل بحد ذاته اعترافاً بموقع ودور رئيس إقليم كوردستان في رسم معادلات التوازن الإقليمي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً