رووداو ديجيتال
أكد السياسي العراقي البارز عزت الشابندر، أن خروج الأميركيين من العراق في شهر أيلول، سيكون النقطة الفاصلة لعدم وجود سلاح خارج نطاق الدولة، مشيراً إلى أن هناك تفاهماً جيداً على أن الفصائل لن تتدخل في اتخاذ قرار الحرب أو السلم، فذلك من اختصاص الدولة.
جاء ذلك في مقابلة خاصة مع شبكة رووداو الإعلامية أجراها نوينر فاتح، مع الشابندر، اليوم الأربعاء (9 نيسان 2025)، تطرقت إلى المفاوضات بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة بشأن ضرورة نزع السلاح، في ظل تهديدات أميركية باستهدافها، فضلاً عن كواليس لقاءات جمعت السياسي العراقي مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
أدناه نص المقابلة:
رووداو: سؤالي يتمحور حول النقاشات أو المفاوضات بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة، فيما يخص نزع السلاح أو وضعه جانباً ودمج الفصائل ضمن القوات الأمنية العراقية. إلى أين وصلت هذه النقاشات؟
عزت الشابندر: يجب التأكيد على أن نشأة الفصائل المسلحة كانت لأسباب وطنية، وبالتالي لا يجوز على الإطلاق أن يكون مستقبلها ضمن إطار غير وطني. أي أن مستقبل هذه الفصائل يجب أن يُقرَّر بناءً على المصلحة الوطنية، لا بتهديدات ووعيد الأميركيين أو الإسرائيليين. حتى الآن، يتضح للجميع أن هذه الفصائل قد جمّدت نشاطها المسلح، استجابةً لطلب الحكومة، الذي يستند إلى مصلحة وطنية. وهناك شعور عام بوجود تفاهم – وإن كان غير معلن – بين الحكومة العراقية وقادة هذه الفصائل. كما تدرك الحكومة العراقية جيدًا أنه لا ينبغي تقديم مبررات تدفع هذه الفصائل للاستمرار في التسلّح.
وباختصار، أستطيع القول إن هناك تفاهمًا جيدًا على أن الفصائل لن تتدخل في اتخاذ قرار الحرب أو السلم، فذلك من اختصاص الدولة. وقد أكدت الحكومة أن خروج القوات الأميركية في السادس والعشرين من أيلول سيكون النقطة الفاصلة لعدم وجود أي قطعة سلاح خارج نطاق الدولة. ولذلك فإن خروج الأمريكيين – وهو قريب– سيكون دفعة قوية لهذا التفاهم. ومن خلال لقاءاتي ببعض قادة الفصائل، أستطيع أن أؤكد أنهم لا يضحّون بمصلحة الوطن، ولا يسعون لزج العراق في معارك هو في غنى عنها، على الأقل في المرحلة الراهنة. إذاً، نحن حالياً في مرحلة "تجميد السلاح" تمهيداً لنزعه، بعد خروج القوات الأمريكية.
رووداو: إذن نحن في مرحلة "تجميد السلاح" وليس نزعه إلى حين خروج القوات الأميركية من العراق؟
عزت الشابندر: تعبير يمكن أن يكون دقيق. نعم، تجميد السلاح هو خطوة باتجاه نزع السلاح الكامل، دون شك.
رووداو: ما مصير هذه الفصائل بعد نزع سلاحها؟
عزت الشابندر: لم يُبحث المصير حتى الآن، ولكن من المفترض أن يُترك القرار لتلك الفصائل. فقد يقرّرون حلّ أنفسهم والعودة إلى حياتهم المدنية، كما كانوا قبل التشكّل، أو قد يطلبون الاندماج ضمن مؤسسات الدولة كالموظفين أو في وزارتي الداخلية والدفاع. هذه ليست مسألة معقدة ولا تُعدّ عقبة في طريق الحل. جوهر الحل هو أن هذا القرار سينضج داخل أوساط الفصائل وقادتها، والحكومة تعمل على دعم هذا النضوج.
ومن جانب آخر، فإن الحكومة تشير بين الحين والآخر إلى أن العدوان الإسرائيلي، والصمت الأميركي والأوروبي على المجازر التي ترتكب في غزة وأماكن أخرى من فلسطين، يشكل ظلماً يغذي مشاعر الغضب ويمنح مبرراً إضافياً لاستمرار وجود الفصائل. لذلك، يجب أن ننظر إلى وجود الفصائل بعيون الانصاف والعدل، أن ننظر لوجود هذه الفصائل لا بمنظور أمريكي أو إسرائيلي فقط، وهذا مهم أن قصة الكيل بمكيالين يجب أن تنتهي وألا يجربها الأميركيون مع العراق، وأن الفصائل إذا قررت نزع سلاحها هو ليس خوفا، إنما حرصا على الحس الوطني.
رووداو: حين قلت في تغريدة وكررتها الآن، إن نشأة الفصائل العراقية كانت وطنية لمواجهة الإرهاب الخارجي، ولا يمكن مناقشة مستقبلها خارج الإطار الوطني، هل تعني أنه لا يحق لأي طرف غير العراقيين التدخل في تقرير مصيرها؟
عزت الشابندر: أؤكد بوضوح أننا لا نرغب ولا نقبل بتدخل أي طرف خارجي، لا إيراني ولا أميركي، في قضية نزع سلاح الفصائل. الحلّ يجب أن يكون عراقياً وطنيا خالصاً، لا بناءً على رغبة إيران في بقائها، ولا بناءً على رفض أميركا لها. هذا أمر مبدئي ومهم جدا وكلنا نعرف ان الشخصية العراقية والأخلاق العراقية لا تقبل الرضوخ والذل، فهذه مشكلة عراقية قبل أن تكون مشكلة أخرى، اليوم تمادى الإسرائيليين والأميركيين، لكن العالم كله صامت أمام ما يجري في غزة وفلسطين، وأعطيك اليوم مثل في لبنان، الطيران الإسرائيلي دمر جنوب لبنان وجنوب بيروت، ومع أن هناك سلم محدود زمنيا ويمدد بين الفترة والأخرى، لكن هل من حق الأميركيين أن يضعون "فيتو" على الناس فيما يتعلق بإعادة بناء بيوتهم، فاليوم الأميركيين أبلغوا الحكومة اللبنانية أنهم سيمنعون أي خطوة تجاه إعادة بناء المنازل المدمرة، قبل أن تصل الحكومة اللبنانية إلى مستوى عالي من التفاهم مع الإسرائيليين، لذا يكفي إذلال، خصوصا أنه إذا استمر فإن الانفجار وشيك.
رووداو: هل لدى الفصائل المسلحة العراقية حرية القرار وأقصد هنا بعيدا عن إيران فيما يخص سلاحهم؟
عزت الشابندر: من خلال خبرة سياسية تمتد لأكثر من خمسين عامًا، لم أرَ شعبًا أكثر تمسّكاً بوطنه من العراقيين. وهذه الجماعات عراقية، نعم، بعض هذه الفصائل تتلقى الدعم من إيران، لكن الدعم ليس ولاء. وهذا يختلف جذرياً عما نشهده في الولايات المتحدة من ولاء كامل لإسرائيل يفوق انتماء السياسيين الأمريكيين لبلادهم. ولنا في زيارة نتنياهو المحكوم عليه من قبل المحكمة الجنائية العليا بأنه إرهابي الأخيرة للكونغرس خير مثال، حين وقف له النواب مصفّقين في كل لحظة. وهذا لم يحصل لأي رئيسي أميركي ولا لأي ضيف في تاريخ الولايات المتحدة، لكن الكونغرس وكل "العصابة" الموجودة هناك، أرادت أن تؤكد أن الولاء لديهم لإسرائيل، لا لأمريكا. لذلك لن نقبل ونرفض وصف الفصائل العراقية بالولائية لإيران. فهم من مشكوك بولائهم وتاريخهم المفقود، ولكن حينما يتصدى الإيراني لدعم هذه الفصائل لا يعني أنها إيرانية.
اليوم اسمع أن بعض المتحولين والعملاء يدرسون قانون تحرير العراق من إيران، والأوجب عليهم أن يذهبوا إلى تحرير القرار الأميركي من اللوبي الصهيوني الموجود في واشنطن ونيويورك، فالعراق ليس مستعمرة إيرانية.
إيران اليوم بحكم الظروف والضغوط والموقف العربي المتخاذل الناكر للجميل، انسحبت. إيران انسحبت وقررت العودة إلى أهلها وصرف كل أموال الدعم والجهود على أولادها، وأنتم عليكم تدبر حالكم مع إسرائيل وأميركا.
يحب أن نكون منصفين، فاليوم قصة شعار "حصر السلاح بيد الدولة" و"النأي بالنفس" كذريعة للعدوان، هي مقدمة للعدوان، وأنا أسألك والمشاهدين: هل توجد دولة نأت بنفسها عن الصراع مع إسرائيل أكثر من الحكومة السورية الجديدة؟ لا يوجد، وعمليا إسرائيل تقصف وتتوغل، ولا نجد حتى تصريح من الحكومة السورية الجديدة، وهذا واقعيا.
أما فكريا، رأينا مقابلات لمقاتلين ومسؤولين سوريين جدد يصرحون أن إسرائيل ليست عدونا، وعدونا الحقيقي إيران. لذا أقول مع هذا النأي بالنفس واقعيا وفكريا هل سلمت سوريا من إسرائيل؟ الجواب لا.
رووداو: هل يسلم العراق من إسرائيل؟
عزت الشابندر: لا، لن يسلم، ومهما فعل العراق، ومهما نأى بنفسه عن المواجهة وزج نفسه بالصراع الحاصل، لن يسلم من العدوان الإسرائيلي، والإسرائيليون لا يعجزون عن خلق الأعذار. إسرائيل خريطتها ليست حدوده، وإنما خريطته تصل إلى العراق، حتى جنوب العراق وشرقه وغربه، وهذا يجب أن يفهم.
رووداو: ماذا كان رأي الرئيس السوري أحمد الشرع بالعلاقة مع إيران؟
عزت الشابندر: وجدته تواق للعلاقة مع أي طرف دولي أو إقليمي، إلا إيران، ولعل أن الدعم الأوروبي الذي حصل عليه، هو احتفالا بخروج إيران وحزب الله، وليس احتفالا به كرئيس جديد لسوريا، ولذلك حينما تورط الزعيم الجديد والنظام الجديد بالعدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف حتى الآن، صمت الأوروبيون والأميركيون، وجميعهم تركوه لوحده.
لذلك، الرجل لا يريد علاقة مع إيران، ولديه قناعة بأنه لا توجد مصلحة بالتعامل مع إيران في المرحلة الحالية.
رووداو: هل سيشارك الشرع في القمة العربية المرتقبة في بغداد؟
عزت الشابندر: الشرع قال سوريا ستشارك، سواء بشخصه أو عبر وزير الخارجية أسعد الشيباني، وفي وقتها سيحدد هذا الأمر، لكن المهم سوريا ستشارك كما قال.
رووداو: ماذا كان رأي الشرع بإسرائيل؟
عزت الشابندر: رأيه كان يجب التحشيد دوليا لإدانة هذا العدوان، وأننا الآن غير قادرين على المواجهة، ولكن أيضا يجب ألا نقبل بالسكوت.
رووداو: ليس لديه ميول في مقاومة إسرائيل خارج النطاق السياسي؟
عزت الشابندر: قطعا لا، لكن من خلال معرفتي من خلال خبرتي في سوريا ومعرفتي بالشعب السوري، أن الشارع السوري سيفرز مقاومة شعبية لهذا العدوان، وهناك بوادر من قبل مساحات موالية للحكم الجديد، لكنها لا تهضم قصة السكوت الآن ومستعدة للمواجهة المباشرة مع أي عدوان إسرائيلي بري.
رووداو: هل يريد الشرع الانتقام من الفصائل العراقية التي ساندت بشار الآسد؟
عزت الشابندر: لا، هو يتطلع إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات، ويعتقد أنه ليس من مصلحة سوريا والعراق، أن يقوم السوري بتجميع المعارضة العراقية عنده، وبالعكس، ويبقى النظامين يتصادمون لعقود، فهذه تجربة حصلت إبان نظامي الأسد وصدام، لكنه يرى أن سوريا والعراق يتكاملان.
رووداو: هل يؤمن بالديمقراطية؟
الشابندر: بصراحة، هو لا يؤمن بالمحاصصة أبدا، ويعتقد أن ما فعله حتى الآن شكل من أشكال الديمقراطية، وأن الديمقراطية الحقيقة تحتاج إلى تمهيد، وأعطى لنفسه 5 سنوات للتحول نحو نظام ديمقراطي دستوري.
رووداو: كيف يريد إدارة سوريا؟ دولة مركزية أم فدرالية؟
الشابندر: لا يؤمن بالفدرالية. يؤمن بسوريا واحدة من شمالها لجنوبها، ويعمل على ذلك، ويرفض أي مقدمات للتقسيم. ولكن أن هناك رؤية أميركية إسرائيلية لمستقبل سوريا، تفيد بأن سوريا لا يجب أن تبقى واحدة.
رووداو: هل تحدثتم عن حقوق الكورد ومطالبهم؟ ماذا كان نقاشكم حول ذلك؟
الشابندر: هو تحدث عن لقائه أكثر من مرة بقائد قوات سوريا الديمقراطية، وحسبما قال إنه أبلغه بأنه سيمنح الكورد أكثر مما يحلمون به بانفصال أو حكم ذاتي، ويرى الكورد سوريين قبل أن يكونوا أي شيء آخر، وله وعليه كما كل السوريين، وعليه كان شديدا في لقائه في أول مرة، وكان أخف في اللقاء الثاني، وكان أفضل على ما انتهت عليه العلاقة بين الطرفين.
رووداو: هل سيتجه نحو العرب أم تركيا؟
الشابندر: سأنقل ما يقول وقد أكون غير مقتنع بذلك؛ بأن عمقه وبعده عربي أكثر من كونه من أي شيء آخر، وزيارته الأولى كانت للسعودية دلالة على ذلك، لكنه لا ينكر العلاقة الوثيقة مع تركيا، ولا يتهاون في تقديم الشكر الجزيل للدعم التركي، لكنه يتطلع لعلاقة عربية تتقدم على أي علاقة أخرى.
عزت الشابندر: يجب التأكيد على أن نشأة الفصائل المسلحة كانت لأسباب وطنية، وبالتالي لا يجوز على الإطلاق أن يكون مستقبلها ضمن إطار غير وطني. أي أن مستقبل هذه الفصائل يجب أن يُقرَّر بناءً على المصلحة الوطنية، لا بتهديدات ووعيد الأميركيين أو الإسرائيليين. حتى الآن، يتضح للجميع أن هذه الفصائل قد جمّدت نشاطها المسلح، استجابةً لطلب الحكومة، الذي يستند إلى مصلحة وطنية. وهناك شعور عام بوجود تفاهم – وإن كان غير معلن – بين الحكومة العراقية وقادة هذه الفصائل. كما تدرك الحكومة العراقية جيدًا أنه لا ينبغي تقديم مبررات تدفع هذه الفصائل للاستمرار في التسلّح.
وباختصار، أستطيع القول إن هناك تفاهمًا جيدًا على أن الفصائل لن تتدخل في اتخاذ قرار الحرب أو السلم، فذلك من اختصاص الدولة. وقد أكدت الحكومة أن خروج القوات الأميركية في السادس والعشرين من أيلول سيكون النقطة الفاصلة لعدم وجود أي قطعة سلاح خارج نطاق الدولة. ولذلك فإن خروج الأمريكيين – وهو قريب– سيكون دفعة قوية لهذا التفاهم. ومن خلال لقاءاتي ببعض قادة الفصائل، أستطيع أن أؤكد أنهم لا يضحّون بمصلحة الوطن، ولا يسعون لزج العراق في معارك هو في غنى عنها، على الأقل في المرحلة الراهنة. إذاً، نحن حالياً في مرحلة "تجميد السلاح" تمهيداً لنزعه، بعد خروج القوات الأمريكية.
رووداو: إذن نحن في مرحلة "تجميد السلاح" وليس نزعه إلى حين خروج القوات الأميركية من العراق؟
عزت الشابندر: تعبير يمكن أن يكون دقيق. نعم، تجميد السلاح هو خطوة باتجاه نزع السلاح الكامل، دون شك.
رووداو: ما مصير هذه الفصائل بعد نزع سلاحها؟
عزت الشابندر: لم يُبحث المصير حتى الآن، ولكن من المفترض أن يُترك القرار لتلك الفصائل. فقد يقرّرون حلّ أنفسهم والعودة إلى حياتهم المدنية، كما كانوا قبل التشكّل، أو قد يطلبون الاندماج ضمن مؤسسات الدولة كالموظفين أو في وزارتي الداخلية والدفاع. هذه ليست مسألة معقدة ولا تُعدّ عقبة في طريق الحل. جوهر الحل هو أن هذا القرار سينضج داخل أوساط الفصائل وقادتها، والحكومة تعمل على دعم هذا النضوج.
ومن جانب آخر، فإن الحكومة تشير بين الحين والآخر إلى أن العدوان الإسرائيلي، والصمت الأميركي والأوروبي على المجازر التي ترتكب في غزة وأماكن أخرى من فلسطين، يشكل ظلماً يغذي مشاعر الغضب ويمنح مبرراً إضافياً لاستمرار وجود الفصائل. لذلك، يجب أن ننظر إلى وجود الفصائل بعيون الانصاف والعدل، أن ننظر لوجود هذه الفصائل لا بمنظور أمريكي أو إسرائيلي فقط، وهذا مهم أن قصة الكيل بمكيالين يجب أن تنتهي وألا يجربها الأميركيون مع العراق، وأن الفصائل إذا قررت نزع سلاحها هو ليس خوفا، إنما حرصا على الحس الوطني.
رووداو: حين قلت في تغريدة وكررتها الآن، إن نشأة الفصائل العراقية كانت وطنية لمواجهة الإرهاب الخارجي، ولا يمكن مناقشة مستقبلها خارج الإطار الوطني، هل تعني أنه لا يحق لأي طرف غير العراقيين التدخل في تقرير مصيرها؟
عزت الشابندر: أؤكد بوضوح أننا لا نرغب ولا نقبل بتدخل أي طرف خارجي، لا إيراني ولا أميركي، في قضية نزع سلاح الفصائل. الحلّ يجب أن يكون عراقياً وطنيا خالصاً، لا بناءً على رغبة إيران في بقائها، ولا بناءً على رفض أميركا لها. هذا أمر مبدئي ومهم جدا وكلنا نعرف ان الشخصية العراقية والأخلاق العراقية لا تقبل الرضوخ والذل، فهذه مشكلة عراقية قبل أن تكون مشكلة أخرى، اليوم تمادى الإسرائيليين والأميركيين، لكن العالم كله صامت أمام ما يجري في غزة وفلسطين، وأعطيك اليوم مثل في لبنان، الطيران الإسرائيلي دمر جنوب لبنان وجنوب بيروت، ومع أن هناك سلم محدود زمنيا ويمدد بين الفترة والأخرى، لكن هل من حق الأميركيين أن يضعون "فيتو" على الناس فيما يتعلق بإعادة بناء بيوتهم، فاليوم الأميركيين أبلغوا الحكومة اللبنانية أنهم سيمنعون أي خطوة تجاه إعادة بناء المنازل المدمرة، قبل أن تصل الحكومة اللبنانية إلى مستوى عالي من التفاهم مع الإسرائيليين، لذا يكفي إذلال، خصوصا أنه إذا استمر فإن الانفجار وشيك.
رووداو: هل لدى الفصائل المسلحة العراقية حرية القرار وأقصد هنا بعيدا عن إيران فيما يخص سلاحهم؟
عزت الشابندر: من خلال خبرة سياسية تمتد لأكثر من خمسين عامًا، لم أرَ شعبًا أكثر تمسّكاً بوطنه من العراقيين. وهذه الجماعات عراقية، نعم، بعض هذه الفصائل تتلقى الدعم من إيران، لكن الدعم ليس ولاء. وهذا يختلف جذرياً عما نشهده في الولايات المتحدة من ولاء كامل لإسرائيل يفوق انتماء السياسيين الأمريكيين لبلادهم. ولنا في زيارة نتنياهو المحكوم عليه من قبل المحكمة الجنائية العليا بأنه إرهابي الأخيرة للكونغرس خير مثال، حين وقف له النواب مصفّقين في كل لحظة. وهذا لم يحصل لأي رئيسي أميركي ولا لأي ضيف في تاريخ الولايات المتحدة، لكن الكونغرس وكل "العصابة" الموجودة هناك، أرادت أن تؤكد أن الولاء لديهم لإسرائيل، لا لأمريكا. لذلك لن نقبل ونرفض وصف الفصائل العراقية بالولائية لإيران. فهم من مشكوك بولائهم وتاريخهم المفقود، ولكن حينما يتصدى الإيراني لدعم هذه الفصائل لا يعني أنها إيرانية.
اليوم اسمع أن بعض المتحولين والعملاء يدرسون قانون تحرير العراق من إيران، والأوجب عليهم أن يذهبوا إلى تحرير القرار الأميركي من اللوبي الصهيوني الموجود في واشنطن ونيويورك، فالعراق ليس مستعمرة إيرانية.
إيران اليوم بحكم الظروف والضغوط والموقف العربي المتخاذل الناكر للجميل، انسحبت. إيران انسحبت وقررت العودة إلى أهلها وصرف كل أموال الدعم والجهود على أولادها، وأنتم عليكم تدبر حالكم مع إسرائيل وأميركا.
يحب أن نكون منصفين، فاليوم قصة شعار "حصر السلاح بيد الدولة" و"النأي بالنفس" كذريعة للعدوان، هي مقدمة للعدوان، وأنا أسألك والمشاهدين: هل توجد دولة نأت بنفسها عن الصراع مع إسرائيل أكثر من الحكومة السورية الجديدة؟ لا يوجد، وعمليا إسرائيل تقصف وتتوغل، ولا نجد حتى تصريح من الحكومة السورية الجديدة، وهذا واقعيا.
أما فكريا، رأينا مقابلات لمقاتلين ومسؤولين سوريين جدد يصرحون أن إسرائيل ليست عدونا، وعدونا الحقيقي إيران. لذا أقول مع هذا النأي بالنفس واقعيا وفكريا هل سلمت سوريا من إسرائيل؟ الجواب لا.
رووداو: هل يسلم العراق من إسرائيل؟
عزت الشابندر: لا، لن يسلم، ومهما فعل العراق، ومهما نأى بنفسه عن المواجهة وزج نفسه بالصراع الحاصل، لن يسلم من العدوان الإسرائيلي، والإسرائيليون لا يعجزون عن خلق الأعذار. إسرائيل خريطتها ليست حدوده، وإنما خريطته تصل إلى العراق، حتى جنوب العراق وشرقه وغربه، وهذا يجب أن يفهم.
رووداو: ماذا كان رأي الرئيس السوري أحمد الشرع بالعلاقة مع إيران؟
عزت الشابندر: وجدته تواق للعلاقة مع أي طرف دولي أو إقليمي، إلا إيران، ولعل أن الدعم الأوروبي الذي حصل عليه، هو احتفالا بخروج إيران وحزب الله، وليس احتفالا به كرئيس جديد لسوريا، ولذلك حينما تورط الزعيم الجديد والنظام الجديد بالعدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف حتى الآن، صمت الأوروبيون والأميركيون، وجميعهم تركوه لوحده.
لذلك، الرجل لا يريد علاقة مع إيران، ولديه قناعة بأنه لا توجد مصلحة بالتعامل مع إيران في المرحلة الحالية.
رووداو: هل سيشارك الشرع في القمة العربية المرتقبة في بغداد؟
عزت الشابندر: الشرع قال سوريا ستشارك، سواء بشخصه أو عبر وزير الخارجية أسعد الشيباني، وفي وقتها سيحدد هذا الأمر، لكن المهم سوريا ستشارك كما قال.
رووداو: ماذا كان رأي الشرع بإسرائيل؟
عزت الشابندر: رأيه كان يجب التحشيد دوليا لإدانة هذا العدوان، وأننا الآن غير قادرين على المواجهة، ولكن أيضا يجب ألا نقبل بالسكوت.
رووداو: ليس لديه ميول في مقاومة إسرائيل خارج النطاق السياسي؟
عزت الشابندر: قطعا لا، لكن من خلال معرفتي من خلال خبرتي في سوريا ومعرفتي بالشعب السوري، أن الشارع السوري سيفرز مقاومة شعبية لهذا العدوان، وهناك بوادر من قبل مساحات موالية للحكم الجديد، لكنها لا تهضم قصة السكوت الآن ومستعدة للمواجهة المباشرة مع أي عدوان إسرائيلي بري.
رووداو: هل يريد الشرع الانتقام من الفصائل العراقية التي ساندت بشار الآسد؟
عزت الشابندر: لا، هو يتطلع إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات، ويعتقد أنه ليس من مصلحة سوريا والعراق، أن يقوم السوري بتجميع المعارضة العراقية عنده، وبالعكس، ويبقى النظامين يتصادمون لعقود، فهذه تجربة حصلت إبان نظامي الأسد وصدام، لكنه يرى أن سوريا والعراق يتكاملان.
رووداو: هل يؤمن بالديمقراطية؟
الشابندر: بصراحة، هو لا يؤمن بالمحاصصة أبدا، ويعتقد أن ما فعله حتى الآن شكل من أشكال الديمقراطية، وأن الديمقراطية الحقيقة تحتاج إلى تمهيد، وأعطى لنفسه 5 سنوات للتحول نحو نظام ديمقراطي دستوري.
رووداو: كيف يريد إدارة سوريا؟ دولة مركزية أم فدرالية؟
الشابندر: لا يؤمن بالفدرالية. يؤمن بسوريا واحدة من شمالها لجنوبها، ويعمل على ذلك، ويرفض أي مقدمات للتقسيم. ولكن أن هناك رؤية أميركية إسرائيلية لمستقبل سوريا، تفيد بأن سوريا لا يجب أن تبقى واحدة.
رووداو: هل تحدثتم عن حقوق الكورد ومطالبهم؟ ماذا كان نقاشكم حول ذلك؟
الشابندر: هو تحدث عن لقائه أكثر من مرة بقائد قوات سوريا الديمقراطية، وحسبما قال إنه أبلغه بأنه سيمنح الكورد أكثر مما يحلمون به بانفصال أو حكم ذاتي، ويرى الكورد سوريين قبل أن يكونوا أي شيء آخر، وله وعليه كما كل السوريين، وعليه كان شديدا في لقائه في أول مرة، وكان أخف في اللقاء الثاني، وكان أفضل على ما انتهت عليه العلاقة بين الطرفين.
رووداو: هل سيتجه نحو العرب أم تركيا؟
الشابندر: سأنقل ما يقول وقد أكون غير مقتنع بذلك؛ بأن عمقه وبعده عربي أكثر من كونه من أي شيء آخر، وزيارته الأولى كانت للسعودية دلالة على ذلك، لكنه لا ينكر العلاقة الوثيقة مع تركيا، ولا يتهاون في تقديم الشكر الجزيل للدعم التركي، لكنه يتطلع لعلاقة عربية تتقدم على أي علاقة أخرى.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً