رووداو ديجيتال
أكد السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، أن سوريا ليست أولوية للولايات المتحدة، منوّهاً إلى أن الجيش الأميركي يريد إعداد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بشكل أكبر قبل الانسحاب.
روبرت فورد قال في مقابلة مع برنامج (حدث اليوم) الذي يقدمه نوينر فاتح على شاشة رووداو، إن "الإدارة الذاتية وقادتها المتعددون سيرتكبون خطأ كبيراً جداً إذا اعتمدوا على حماية أميركا. الحكومة الأميركية لم تتمكن من مساعدة الجيش السوري الحر، ولم تتمكن من مساعدة الحكومة السورية المؤقتة في جرابلس، كما لم تتمكن من دعم فريق التفاوض السوري في (أستانا)"، موضحاً أن "الضغط أو النفوذ الأميركي في سوريا بالعموم ضئيل جداً، لذا من المهم أن يدرك القادة في قامشلو أن يقدموا تنازلات للحكومة السورية في المفاوضات".
وانتقد السفير الأميركي السابق في سوريا الإدارة الذاتية لغياب التوافق والتنسيق والتصرف بشكل قمعي أحياناً، حيث هاجمت مقرات الأحزاب غير المنضوية في وحدات حماية الشعب، وضايقت الصحفيين واعتقلتهم أحياناً، مشيراً إلى غياب الثقة بين الأحزاب السياسية الكوردية.
أدناه نص المقابلة:
رووداو: لنبدأ بالسؤال العام.. أين موقع سوريا في السياسية الأميركية اليوم؟
روبرت فورد: منذ 10 سنوات لا تشكل سوريا أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، وحتى مع إدارة بايدن سوريا أولوية ثانوية. ملف أوكرانيا أكبر بكثير، وهناك تايوان وجمهورية الصين الشعبية، وهاتان تشكلان أولوية أكبر بكثير، وحتى الحرب في غزة الآن تشكل أولوية كبيرة. سوريا في ذيل القائمة.
رووداو: ماذا يعني أن لا تكون سوريا أولوية، خصوصاً في عهد بايدن؟ وكيف ينعكس ذلك على مشاركة أميركا على الأرض؟
روبرت فورد: نعم، هناك عاملان كبيران يجعلان من سوريا أولوية ثانوية. أولا، إدارة بايدن لا تريد استخدام المزيد من الموارد. لا تريد صرف المزيد من الأموال في سوريا، ولا إرسال المزيد من الجنود والجيش. في الحقيقة إدارة بايدن تريد خفض الموارد التي تذهب إلى سوريا. العامل الثاني هو أن المسؤولين الكبار مثل الرئيس، وزير الدفاع، ووزير الخارجية، ومدير وكالة المخابرات المركزية يخصصون وقتاً أقل للعمل على (ملف) سوريا لأنهم منشغلون بملفات تحظى بأولويات أكبر مثل أوكرانيا أو غزة، وبدلاً عن ذلك يتولى المسؤولون من المستوى المتوسط مسؤولية أكبر، ولا يتخذ هؤلاء في كثير من الأحيان مبادرات كبيرة.
رووداو: عندما تكون أولوية ثانوية، فهل يعني ذلك أن الولايات المتحدة ستكون أقل تركيزاً بشأن مستقبلها بما في ذلك على الصعيد السياسي؟ ماذا سيحدث للمعادلة السورية على سبيل المثال في غضون العامين المقبلين؟
روبرت فورد: ما ذكرته صحيح تماما. إدارة بايدن، وحتى إدارة ترمب، لم يكن لديها أي خطة حقاً، ولا استراتيجية حول سبل التأثير على اتجاهات السياسات في سوريا، أو سبل التوصل إلى حل نهائي للحرب الأهلية في سوريا.
رووداو: في الأيام الأخيرة تحدثت تقارير حول الانسحاب الأميركي من سوريا.. هل سيحدث ذلك؟
روبرت فورد: برأيي نعم، لكن ليس قريباً، ربما في العام أو العامين القادمين. السبب الأول هو أن إدارة بايدن في رأيي لا تريد مغادرة سوريا والظهور بمظهر الخاسر، لأنه على سبيل المثال، في حال انسحبت الشهر المقبل، سيفهم الجميع بأنهم انسحبوا تحت ضغط الميليشيات المتحالفة مع إيران على القواعد الأميركية في سوريا. إدارة بايدن لا تريد الانسحاب من سوريا والظهور بمظهر الخاسر. العامل الثاني هو أن الجيش الأميركي يريد إعداد قوات سوريا الديمقراطية بشكل أفضل قبل انسحاب الولايات المتحدة، لذا يحتاجون لوقت أكبر من التدريب وإعداد قوات سوريا الديمقراطية.
رووداو: في حال انسحاب القوات الأميركية من سوريا وأنتم من أفضل الخبراء في الشأن السوري ما الذي تتوقعونه؟ مثلاً أشرتم إلى قوات سوريا الديمقراطية لكنها مهما كانت قوية ستكون كالسمكة في البحر.. أليس كذلك؟
روبرت فورد: هناك احتمالا كبيرا بأن تكون قوات سوريا الديمقراطية أقوى من الجيش السوري شرق الفرات. الجيش السوري في الوقت الحاضر أضعف بكثير بعد 10 سنوات من الحرب الأهلية، فقد أغلب معداته، كما أن قادته فاسدون جداً، لذا من الممكن بأن لا يرغب الجيش السوري في خوض حرب واسعة ضد قوات سوريا الديمقراطية. السؤال للمستقبل حول الشكل الذي ستكون عليه العلاقات بين الحكومة في دمشق والإدارة الذاتية في قامشلو، وهو ما لا نعرفه الآن. حسب ما أرى، لقد قام الروس عدة مرات بمساعي للوساطة بين دمشق وقامشلو، دون أن تحقيق نجاح. أعتقد أنه بينما يستعد الأميركيون للانسحاب، وسينسحبون في نهاية المطاف، فإن دور روسيا يصبح أكثر أهمية.
رووداو: جزء من فشل الوساطة الروسية يعود إلى أن الكورد لا يشعرون بالارتياح إزاءها لأنها تدفعهم إلى العودة نحو سوريا المركزية بدلاً من حماية حقوقهم في إقليم يحظى بالحكم الذاتي.. هل تعتقد أن مصير شمال شرق سوريا والإدارة الذاتية واضح في ضوء احتمال الانسحاب الأميركي؟
روبرت فورد: أعتقد أن صلاحيات الإدارة الحالية ستكون موضوع المفاوضات بين دمشق وقامشلو، وفي هذا السياق هناك جانبان مهمان. الأول، ما هو الدور المحدد لقوات سوريا الديمقراطية؟ هل ستندمج مع الجيش السوري 100% أم سيكون لها وضع خاص؟ مثلاً على مستوى الأفواج والألوية؟ لا نعلم ما إذا كانت الحكومة السورية في دمشق تريد دمج قوات سوريا الديمقراطية بشكل كامل، فرداً فرداً، أم ستبقيهم على وضع خاص كوحدات قوات سوريا الديمقراطية، هذه نقطة. السؤال الثاني الكبير هو ما الذي سيحث بسلطات الإدارة الذاتية؟ الصحة، التربية، الزراعة، المالية والأعمال الإدارية في قامشلو التي كانت مسؤولة عنها في الحقيقة منذ 2016، بل حتى قبل 2015. يجب التفاوض مع دمشق حول سبل تسيير هذه المسؤوليات الإدارية في المستقبل، حيث أعتقد بإمكانية توصلهما إلى اتفاق بهذا الشأن. إنه لأمر طبيعي بالنسبة لي أن أتخيل على سبيل المثال، استمرار الإدارة الذاتية في تنفيذ المشاريع على المستوى المحلي، مع وجود نوع من الموافقة من قبل دمشق. دمشق لا تملك الكثير من البيروقراطيين والمدراء الحكوميين المستعدين لإرسالهم إلى الحسكة والجزء الشرقي من سوريا أو شرق نهر الفرات. قبل الحرب الأهلية، اعتمدت الحكومة السورية على الجهات المحلية، خصوصاً رؤساء العشائر في دير الزور لإدارة المحافظة.
رووداو: هل يمكن لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الاعتماد على الحكومة الأميركية لضمان بعض الحقوق بعد انسحابها على الصعيد السياسي على أقل تقدير؟ خصوصا وأنه سينظر اليهم كخونة من قبل الحكومة السورية فيما تتطلع تركيا لانتهاز أي فرصة لمهاجمتهم.
روبرت فرود: سعيد جداً لطرحكم هذا السؤال. أعتقد أن هناك أمراً مهما للغاية، وأود قول ذلك بصراحة. ترتكب الإدارة الذاتية وقادتها المتعددون خطأ كبيراً جداً بالاعتماد على حماية أميركا بعد انسحاب قواتها. الحكومة الأميركية لم تتمكن من مساعدة الجيش السوري الحر. كما لم تتمكن من مساعدة الحكومة السورية المؤقتة في جرابلس. وكذلك لم تتمكن من مساعدة الفريق السوري المفاوض في أستانا. ضغط أو نفوذ الولايات المتحدة في سوريا ضئيل جداً بشكل عام، لذا من المهم على أن يدرك القادة في قامشلو ضرورة تقديم التنازلات في مفاوضاتهم مع الحكومة السورية. أود إضافة نقطة أخرى. تعمل الإدارة الذاتية حالياً مع الحكومة السورية، بل هناك جنود من الجيش السوري تم نشرهم في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، مثل جزء من محافظة حلب، وجزء من منبج. الأمر ليس وكأنه لا توجد علاقات بين دمشق وقامشلو بشكل تام. في الحقيقة لديهم علاقات لكن ما لايتفقون عليه هو مستقبل قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري. كما لا يتفقون بشأن الجهة التي يفترض مثلاً أن تدير قطاع التربية في مدينة الحسكة، وهذا أمر عليهم التفاوض بشأنه.
رووداو: إذاً ترى ضروة أن يبدأ الكورد من الآن التفاوض مع سوريا وتنظيم علاقاتهم معها؟
روبرت فورد: اقتراحي سيكون أن (يبدأوا التفاوض) وموقفهم أقوى حيث مازال الأميركيون في سوريا، وليس عندما ينسحبون، ولا أعرف متى ينسحب الأميركيون وماذ إذا كان خلال عام أو عامين. لكن عندما ينسحب الأميركيون سيكون موقف قامشلو أضعف في المفاوضات مع دمشق، لذا من الأفضل أن يبدأوا بالمفاوضات الآن ويتوصلوا إلى اتفاق حول بعض المسائل الفنية، مثل من يدير الميزانية؟ من المسؤول عن السياسة التربوية؟ من الذي سيدير المستشفيات؟ من المسؤول عن السياسة الصحية؟ هذه مسائل فنية، وأعتقد بأن الإدارة سترى إمكانية الاحتفاظ بجزء كبير من سلطاتها، لأن حكومة دمشق ضعيفة.
رووداو: في الشمال هناك تركيا التي قد تكون مستعدة لشن موجة جديدة من الهجمات بعد الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب الأميركي.. لكن حتى أثناء وجود القوات الأميركية شهدنا مؤخراً تزايداً في الهجمات التركية وانتقد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الولايات المتحدة على صمتها إزاء الهجمات التركية.. هل هذه الانتقادات في محلها؟
روبرت فورد: أقول ببساطة إن الأميركيين لم يتعهدوا إطلاقاً بحماية الإدارة الذاتية من الهجمات التركية، وبدلاً عن ذلك، أرادت الولايات المتحدة دوماً نوعاً من الاتفاق بين تركيا والإدارة الذاتية. وأعتقد أن هذه أيضاً نقطة من الممكن أن تتفق قامشلو ودمشق بشأنها. فالطرفان، قامشلو ودمشق تريدان أن يوقف الأتراك هجماتهم الجوية، لذلك هناك نقطة يمكنهما العمل عليها معاً، وفي الحقيقة يقومون بذلك، وهذا الذي دفع الإدارة الذاتية إلى دعوة الجيش السوري وروسيا أن ينشرا قواتهما على طول الحدود التركية في شمال شرق سوريا، بل أن تسيير روسيا دوريات عسكرية. إلا أن العلاقات بين قامشلو وتركيا ستكون صعبة، وستبقى صعبة لحين التوصل إلى اتفاق بين قامشلو من جهة ودمشق من جهة أخرى.
أكد السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، أن سوريا ليست أولوية للولايات المتحدة، منوّهاً إلى أن الجيش الأميركي يريد إعداد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بشكل أكبر قبل الانسحاب.
روبرت فورد قال في مقابلة مع برنامج (حدث اليوم) الذي يقدمه نوينر فاتح على شاشة رووداو، إن "الإدارة الذاتية وقادتها المتعددون سيرتكبون خطأ كبيراً جداً إذا اعتمدوا على حماية أميركا. الحكومة الأميركية لم تتمكن من مساعدة الجيش السوري الحر، ولم تتمكن من مساعدة الحكومة السورية المؤقتة في جرابلس، كما لم تتمكن من دعم فريق التفاوض السوري في (أستانا)"، موضحاً أن "الضغط أو النفوذ الأميركي في سوريا بالعموم ضئيل جداً، لذا من المهم أن يدرك القادة في قامشلو أن يقدموا تنازلات للحكومة السورية في المفاوضات".
وانتقد السفير الأميركي السابق في سوريا الإدارة الذاتية لغياب التوافق والتنسيق والتصرف بشكل قمعي أحياناً، حيث هاجمت مقرات الأحزاب غير المنضوية في وحدات حماية الشعب، وضايقت الصحفيين واعتقلتهم أحياناً، مشيراً إلى غياب الثقة بين الأحزاب السياسية الكوردية.
أدناه نص المقابلة:
رووداو: لنبدأ بالسؤال العام.. أين موقع سوريا في السياسية الأميركية اليوم؟
روبرت فورد: منذ 10 سنوات لا تشكل سوريا أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، وحتى مع إدارة بايدن سوريا أولوية ثانوية. ملف أوكرانيا أكبر بكثير، وهناك تايوان وجمهورية الصين الشعبية، وهاتان تشكلان أولوية أكبر بكثير، وحتى الحرب في غزة الآن تشكل أولوية كبيرة. سوريا في ذيل القائمة.
رووداو: ماذا يعني أن لا تكون سوريا أولوية، خصوصاً في عهد بايدن؟ وكيف ينعكس ذلك على مشاركة أميركا على الأرض؟
روبرت فورد: نعم، هناك عاملان كبيران يجعلان من سوريا أولوية ثانوية. أولا، إدارة بايدن لا تريد استخدام المزيد من الموارد. لا تريد صرف المزيد من الأموال في سوريا، ولا إرسال المزيد من الجنود والجيش. في الحقيقة إدارة بايدن تريد خفض الموارد التي تذهب إلى سوريا. العامل الثاني هو أن المسؤولين الكبار مثل الرئيس، وزير الدفاع، ووزير الخارجية، ومدير وكالة المخابرات المركزية يخصصون وقتاً أقل للعمل على (ملف) سوريا لأنهم منشغلون بملفات تحظى بأولويات أكبر مثل أوكرانيا أو غزة، وبدلاً عن ذلك يتولى المسؤولون من المستوى المتوسط مسؤولية أكبر، ولا يتخذ هؤلاء في كثير من الأحيان مبادرات كبيرة.
رووداو: عندما تكون أولوية ثانوية، فهل يعني ذلك أن الولايات المتحدة ستكون أقل تركيزاً بشأن مستقبلها بما في ذلك على الصعيد السياسي؟ ماذا سيحدث للمعادلة السورية على سبيل المثال في غضون العامين المقبلين؟
روبرت فورد: ما ذكرته صحيح تماما. إدارة بايدن، وحتى إدارة ترمب، لم يكن لديها أي خطة حقاً، ولا استراتيجية حول سبل التأثير على اتجاهات السياسات في سوريا، أو سبل التوصل إلى حل نهائي للحرب الأهلية في سوريا.
رووداو: في الأيام الأخيرة تحدثت تقارير حول الانسحاب الأميركي من سوريا.. هل سيحدث ذلك؟
روبرت فورد: برأيي نعم، لكن ليس قريباً، ربما في العام أو العامين القادمين. السبب الأول هو أن إدارة بايدن في رأيي لا تريد مغادرة سوريا والظهور بمظهر الخاسر، لأنه على سبيل المثال، في حال انسحبت الشهر المقبل، سيفهم الجميع بأنهم انسحبوا تحت ضغط الميليشيات المتحالفة مع إيران على القواعد الأميركية في سوريا. إدارة بايدن لا تريد الانسحاب من سوريا والظهور بمظهر الخاسر. العامل الثاني هو أن الجيش الأميركي يريد إعداد قوات سوريا الديمقراطية بشكل أفضل قبل انسحاب الولايات المتحدة، لذا يحتاجون لوقت أكبر من التدريب وإعداد قوات سوريا الديمقراطية.
رووداو: في حال انسحاب القوات الأميركية من سوريا وأنتم من أفضل الخبراء في الشأن السوري ما الذي تتوقعونه؟ مثلاً أشرتم إلى قوات سوريا الديمقراطية لكنها مهما كانت قوية ستكون كالسمكة في البحر.. أليس كذلك؟
روبرت فورد: هناك احتمالا كبيرا بأن تكون قوات سوريا الديمقراطية أقوى من الجيش السوري شرق الفرات. الجيش السوري في الوقت الحاضر أضعف بكثير بعد 10 سنوات من الحرب الأهلية، فقد أغلب معداته، كما أن قادته فاسدون جداً، لذا من الممكن بأن لا يرغب الجيش السوري في خوض حرب واسعة ضد قوات سوريا الديمقراطية. السؤال للمستقبل حول الشكل الذي ستكون عليه العلاقات بين الحكومة في دمشق والإدارة الذاتية في قامشلو، وهو ما لا نعرفه الآن. حسب ما أرى، لقد قام الروس عدة مرات بمساعي للوساطة بين دمشق وقامشلو، دون أن تحقيق نجاح. أعتقد أنه بينما يستعد الأميركيون للانسحاب، وسينسحبون في نهاية المطاف، فإن دور روسيا يصبح أكثر أهمية.
رووداو: جزء من فشل الوساطة الروسية يعود إلى أن الكورد لا يشعرون بالارتياح إزاءها لأنها تدفعهم إلى العودة نحو سوريا المركزية بدلاً من حماية حقوقهم في إقليم يحظى بالحكم الذاتي.. هل تعتقد أن مصير شمال شرق سوريا والإدارة الذاتية واضح في ضوء احتمال الانسحاب الأميركي؟
روبرت فورد: أعتقد أن صلاحيات الإدارة الحالية ستكون موضوع المفاوضات بين دمشق وقامشلو، وفي هذا السياق هناك جانبان مهمان. الأول، ما هو الدور المحدد لقوات سوريا الديمقراطية؟ هل ستندمج مع الجيش السوري 100% أم سيكون لها وضع خاص؟ مثلاً على مستوى الأفواج والألوية؟ لا نعلم ما إذا كانت الحكومة السورية في دمشق تريد دمج قوات سوريا الديمقراطية بشكل كامل، فرداً فرداً، أم ستبقيهم على وضع خاص كوحدات قوات سوريا الديمقراطية، هذه نقطة. السؤال الثاني الكبير هو ما الذي سيحث بسلطات الإدارة الذاتية؟ الصحة، التربية، الزراعة، المالية والأعمال الإدارية في قامشلو التي كانت مسؤولة عنها في الحقيقة منذ 2016، بل حتى قبل 2015. يجب التفاوض مع دمشق حول سبل تسيير هذه المسؤوليات الإدارية في المستقبل، حيث أعتقد بإمكانية توصلهما إلى اتفاق بهذا الشأن. إنه لأمر طبيعي بالنسبة لي أن أتخيل على سبيل المثال، استمرار الإدارة الذاتية في تنفيذ المشاريع على المستوى المحلي، مع وجود نوع من الموافقة من قبل دمشق. دمشق لا تملك الكثير من البيروقراطيين والمدراء الحكوميين المستعدين لإرسالهم إلى الحسكة والجزء الشرقي من سوريا أو شرق نهر الفرات. قبل الحرب الأهلية، اعتمدت الحكومة السورية على الجهات المحلية، خصوصاً رؤساء العشائر في دير الزور لإدارة المحافظة.
رووداو: هل يمكن لقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الاعتماد على الحكومة الأميركية لضمان بعض الحقوق بعد انسحابها على الصعيد السياسي على أقل تقدير؟ خصوصا وأنه سينظر اليهم كخونة من قبل الحكومة السورية فيما تتطلع تركيا لانتهاز أي فرصة لمهاجمتهم.
روبرت فرود: سعيد جداً لطرحكم هذا السؤال. أعتقد أن هناك أمراً مهما للغاية، وأود قول ذلك بصراحة. ترتكب الإدارة الذاتية وقادتها المتعددون خطأ كبيراً جداً بالاعتماد على حماية أميركا بعد انسحاب قواتها. الحكومة الأميركية لم تتمكن من مساعدة الجيش السوري الحر. كما لم تتمكن من مساعدة الحكومة السورية المؤقتة في جرابلس. وكذلك لم تتمكن من مساعدة الفريق السوري المفاوض في أستانا. ضغط أو نفوذ الولايات المتحدة في سوريا ضئيل جداً بشكل عام، لذا من المهم على أن يدرك القادة في قامشلو ضرورة تقديم التنازلات في مفاوضاتهم مع الحكومة السورية. أود إضافة نقطة أخرى. تعمل الإدارة الذاتية حالياً مع الحكومة السورية، بل هناك جنود من الجيش السوري تم نشرهم في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، مثل جزء من محافظة حلب، وجزء من منبج. الأمر ليس وكأنه لا توجد علاقات بين دمشق وقامشلو بشكل تام. في الحقيقة لديهم علاقات لكن ما لايتفقون عليه هو مستقبل قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري. كما لا يتفقون بشأن الجهة التي يفترض مثلاً أن تدير قطاع التربية في مدينة الحسكة، وهذا أمر عليهم التفاوض بشأنه.
رووداو: إذاً ترى ضروة أن يبدأ الكورد من الآن التفاوض مع سوريا وتنظيم علاقاتهم معها؟
روبرت فورد: اقتراحي سيكون أن (يبدأوا التفاوض) وموقفهم أقوى حيث مازال الأميركيون في سوريا، وليس عندما ينسحبون، ولا أعرف متى ينسحب الأميركيون وماذ إذا كان خلال عام أو عامين. لكن عندما ينسحب الأميركيون سيكون موقف قامشلو أضعف في المفاوضات مع دمشق، لذا من الأفضل أن يبدأوا بالمفاوضات الآن ويتوصلوا إلى اتفاق حول بعض المسائل الفنية، مثل من يدير الميزانية؟ من المسؤول عن السياسة التربوية؟ من الذي سيدير المستشفيات؟ من المسؤول عن السياسة الصحية؟ هذه مسائل فنية، وأعتقد بأن الإدارة سترى إمكانية الاحتفاظ بجزء كبير من سلطاتها، لأن حكومة دمشق ضعيفة.
رووداو: في الشمال هناك تركيا التي قد تكون مستعدة لشن موجة جديدة من الهجمات بعد الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب الأميركي.. لكن حتى أثناء وجود القوات الأميركية شهدنا مؤخراً تزايداً في الهجمات التركية وانتقد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الولايات المتحدة على صمتها إزاء الهجمات التركية.. هل هذه الانتقادات في محلها؟
روبرت فورد: أقول ببساطة إن الأميركيين لم يتعهدوا إطلاقاً بحماية الإدارة الذاتية من الهجمات التركية، وبدلاً عن ذلك، أرادت الولايات المتحدة دوماً نوعاً من الاتفاق بين تركيا والإدارة الذاتية. وأعتقد أن هذه أيضاً نقطة من الممكن أن تتفق قامشلو ودمشق بشأنها. فالطرفان، قامشلو ودمشق تريدان أن يوقف الأتراك هجماتهم الجوية، لذلك هناك نقطة يمكنهما العمل عليها معاً، وفي الحقيقة يقومون بذلك، وهذا الذي دفع الإدارة الذاتية إلى دعوة الجيش السوري وروسيا أن ينشرا قواتهما على طول الحدود التركية في شمال شرق سوريا، بل أن تسيير روسيا دوريات عسكرية. إلا أن العلاقات بين قامشلو وتركيا ستكون صعبة، وستبقى صعبة لحين التوصل إلى اتفاق بين قامشلو من جهة ودمشق من جهة أخرى.
رووداو: نتذكر جميعاً المفاوضات بين الأطراف السياسية الكوردية في "روجآفا" (شمال شرق سوريا) التي كانت ترعاها الولايات المتحدة بشكل رئيسي لكنها لم تنجح وتوقفت منذ أكثر من عام بسبب الخلافات.. ألم تعد واشنطن مهتمة بالوساطة في هذه القضية؟
روبرت فورد: في الحقيقة لقد طرحت سؤالاً جيداً. استذكر الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الوساطة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني في العراق من جهة والاتحاد الوطني الكوردستاني، الحزب السياسي لجلال طالباني في السليمانية بكوردستان العراق. في حينه توسط الدبلوماسيون الأميركيون في ذلك الخلاف. المساعي الأميركية في سوريا، استطيع في الحقيقة أن أقول إنها لم تنجح، لا استطيع أن أوضح لك السبب، لكني أقول إن ذلك يرجع جزئياً إلى أن الإدارة الذاتية في سوريا تعاملت أحياناً بطريقة قمعية، حيث هاجمت مقرات الأحزاب غير المنضوية في وحدات حماية الشعب، وضايقت الصحفيين واعتقلتهم أحياناً، لذلك هناك انعدام للثقة بين الأحزاب السياسية الكوردية، كما لم يتمكن الأميركيون أن يمهدوا لاتفاق حول قواعد المنافسة السياسية العادلة في شمال شرق سوريا، ولحين التوصل إلى اتفاق حول قواعد المنافسة السياسية العادلة التي تقبل به جميع الأطراف، أعتقد أنه لا يمكننا أن نمهد لاتفاق بين الأحزاب السياسية الكوردية المختلفة التي تعمل في شمال شرق سوريا. وهذا أمر يبعث على الأسف.
رووداو: الاتفاق بين الكورد أنفسهم ليس سهلاً أينما كانوا. هل تعتقد أن الكورد في سوريا تركوا لوحدهم؟ هل حان الوقت ليقروا بهذا الوضع وأن يقوموا بحماية أنفسهم بأنفسهم؟
روبرت فورد: هناك مخاطر من انتهاج هذا السبيل، واتعاطف شخصياً مع مخاوف الكورد في العراق وسوريا، لكن هناك مخاطر في الحالة السورية، في أن تجد الإدارة الذاتية نفسها محاصرة بين تركيا من جهة ودمشق وروسيا من جهة أخرى، وإيران أيضاً.. هذا ليس موقفاً تضع نفسك فيه، لذا أعتقد أنه سيكون من الأفضل للإدارة الذاتية أن تجد سبيلاً وتصل إلى اتفاق عبر الروس مع الحكومة في دمشق. لا أكن محبة للحكومة في دمشق، وأعتقد بأن بياناتي حول بشار الأسد وحكومته معروفة منذ سنوات. ليس سهلاً التفاوض مع دمشق. أدرك ذلك، لكن أن تحاول خوض الحرب مع تركيا ودمشق في آن واحد، أعتقد بصراحة أنه انتحار بالنسبة للقيادة في قامشلو.
رووداو: حسب اعتقادك وفي ضوء ما تراه، هل فشلت السياسة التي انتهجتها الولايات المتحدة إزاء سوريا منذ عام 2011 بعد صرف مليارات من الدولارات ومحاولة تغيير النظام؟
روبرت فورد: السياسة الأميركية في سوريا كانت فشلاً ذريعاً. فشلاً ذريعاً. أنا مسؤول عن جزء منها، وهناك الكثير من المسؤولين الأميركيين المسؤولين (عن الفشل) أيضاً إلى جانب عدد من السوريين، بشار الأسد وقادته. مسؤولية هذه الماسأة توزع على الجميع، لكن الأميركيين لم يتمكنوا من إيجاد حل سياسي للحرب الأهلية. لقد تمكن الأميركيون من دحر داعش في شرق سوريا، لكنه مشكلة صغيرة جداً مقارنة مع المشكلة الكبيرة المتمثلة في سوريا كبلد ومستقبله السياسي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً