نصير شمة لرووداو: الفنان الراحل سامي نسيم أحدث نقلة في تطوير الموسيقى العراقية

25-09-2024
معد فياض
A+ A-
رووداو ديجيتال

نعت كل من نقابة الفنانين العراقيين، وأسرة المجمع العربي للموسيقى (جامعة الدول العربية)، اليوم الأربعاء، 25 أيلول 2024، عضو المجلس المركزي للنقابة سامي نسيم، الذي وافته المنية هذا اليوم إثر مرض عضال. وقالت النقابة في بيانها إن "الراحل سامي نسيم عازف عود عراقي، وهو مؤسس ورئيس (فرقة بغداد للعود) منذ 2013، ومدير (دار العود العراقي وورشة صناعة الآلات الموسيقية) وانتخب عضواً للمجلس المركزي لنقابة الفنانين العراقيين في الدورة الحالية، وفاز أيضاً بجائزة الإبداع الخاصة بالدولة لمرتين". وأضاف بيان النقابة أن "الفقيد شارك في العديد من المهرجانات وقدم مسيرة تليق بسمعة الفن، رحل إلى مسكنه الأخير بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركاً أعماله تخلده بيننا".
 
هشام شرف، مدير المجمع العربي للموسيقى (جامعة الدول العربية)، قال لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الأربعاء 25 أيلول 2024: "سامي نسيم يُعد رمزاً من رموز الموسيقى العراقية وكانت له مشاركات لافتة في العديد من المحافل والمهرجانات الموسيقية العربية، حيث كان قد فاز بالجائزة الأولى بمسابقة العود الدولية التي نظمها المجمع العربي للموسيقى في الكسليك – لبنان عام 2000". مضيفاً: "وإذ تشكل وفاة الفقيد خسارة جسيمة، فإن أمانة المجمع العربي للموسيقى تدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وكل من عرفه الصبر والسلوان".
 
الموسيقار العالمي نصير شمة عبر عن أسفه العميق لـ"الرحيل المبكر للفنان سامي نسيم"، وقال لشبكة رووداو اليوم: "تربطني بالفنان الراحل سامي نسيم علاقة عميقة منذ أن كنا طلبة. كان هو طالباً في قسم الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة وأنا في معهد الدراسات النغمية ببغداد. كنا نتزاور ونلتقي أسبوعياً في أحد المعهدين ونعزف سوية ونتبادل الأفكار والمعلومات، وتأخذنا النقاشات الفنية البحتة". مضيفاً: "ومنذ ذلك الوقت تعمقت علاقتنا، ولم أشعر في يوم أنه يشبه أقرانه لا من حيث سلوكه مع الناس ولا تعامله اليومي مع زملائه، فقد كان متميزاً وراقياً في تعامله. لهذا لم نتفاجأ اليوم بأن حشوداً من المثقفين العراقيين، ليس الفنانين الموسيقيين العراقيين والجمهور فحسب، يعبرون عن حزنهم متذكرين إياه بأفضل الصور. وقد نشروا تعازيهم وذكرياتهم مع الراحل سامي نسيم على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنه امتلك القدرة على امتلاك قلوب الناس بدماثة أخلاقه وقربه منهم، وخاصة الوسط الثقافي، كونه من الموسيقيين القلائل الذين تميزوا بثقافتهم العميقة في اختصاصات عدة إضافة إلى الموسيقى. وله إنجازات مهمة ومتميزة في العزف ومدارس العود وأحدث نقلة في تطوير الموسيقى العراقية. كذلك اشتغل في التلحين ولم يتقاطع في يوم من الأيام مع زملائه أو مع أحد من أجل المنافسة والمصالح الشخصية، بل على العكس من ذلك كان متعاوناً ومبادراً وودوداً. لهذا شاركه الجميع وجعه خلال سنوات مرضه الخبيث، وهنئياً له تلك المحبة والدعاء الذي وصله وما عبر عنه الجميع من الأسى والمحبة منذ ليلة أمس. وهذا دليل على أن مسعاه في الحياة كان ناجحاً ودؤوباً".
 

أضاف الموسيقار نصير شمة: "سامي نسيم، بالرغم من مرضه، بقي يعمل ويبحث أكاديمياً ويشترك في المؤتمرات. ولي هنا أن أذكر مشاركتنا سوية في بيوت العود، خاصة في ورش العمل وحفلات التخرج، وكان على رأس لجنة الاختبار في أول دفعة تخرجت من بيت العود في بغداد". منبهاً إلى أنه "بالرغم من معرفتنا بأنه يعاني من آلام المرض، لكننا، أصدقاؤه، كنا وما زلنا نشعر بغصة حزن عميقة. كان بحاجة إلى عناية طبية أكثر تركيزاً وأكثر اهتماماً. ربما كان بالإمكان إنقاذه، لكن الوضع الطبي في العراق بحاجة إلى إعادة نظر لأننا خسرنا الكثير من الناس، وخاصة المبدعين العراقيين، خلال الفترة القصيرة الماضية بسبب التقصير في الضمان الصحي ووضع المستشفيات التي ترعى المبدعين وتوفير العلاجات اللازمة لمساعدتهم". وقال: "لا يُعقل أنه في عام 1985 كان هناك طابق في مستشفى مدينة الطب المتطورة جداً آنذاك، مخصص لاستقبال المثقفين من كتاب وشعراء ومسرحيين وموسيقيين وتشكيليين. واليوم ونحن في نهاية عام 2024 لا توجد مستشفى متطورة لمعالجة الفنانين وتخصص لهم العناية الطبية وتوفر لهم الأدوية من قبل وزارة الصحة. لهذا نحن نخسر الكثير من المبدعين نتيجة عدم قدرتهم على العلاج في المستشفيات الأهلية الخاصة أو خارج العراق وشراء الأدوية لأمراض الكلى والكبد وغيرها من الأمراض التي باتت تُعالج في العالم ولم تعد أمراضاً مميتة".
 
وختم الموسيقار العالمي نصير شمة بقوله: "نحن نشعر بألم مزدوج، الأول لفقدان سامي نسيم، والثاني لفقده المبكر. كان أمامه أكثر من عشرين سنة من العطاء والإبداع، وهو معلم متميز، يدرّس أجيالاً، وباحث وعازف مبدع يقدم عروضاً موسيقية رائعة تثري الموسيقى".
 

تلميذه وصديقه، عازف السنطور ومعاون مدير معهد الدراسات الموسيقية هندرين حكمت، تحدث لرووداو اليوم عن أستاذه سامي نسيم، قائلاً: "التقيت لأول مرة بالفنان الأستاذ سامي نسيم عام 1991 عندما درسنا في معهد الفنون الموسيقية، وارتبطنا بعلاقة صداقة وليست فقط علاقة الطالب بأستاذه. كان هناك كوكبة متميزة ومبدعة من أساتذة العود الكبار والمبدعين، أمثال: روحي الخماش، علي الإمام، وسالم عبد الكريم، الذين أشادوا بنسيم كمبدع وأستاذ وباحث".
 
وأضاف حكمت قائلاً: "استطاع الأستاذ سامي نسيم تدريس وتقديم عازفي عود متميزين مثل سعد محمود وأحمد سليم وغيرهم الكثير، وهم يفتخرون بأنهم طلبة نسيم الذي يتميز باعتباره أكثر عازفي العود خبرة بالأطوار الريفية، كونه ينحدر أصلاً من مدينة الرفاعي في محافظة ذي قار، وصوته مشحون بالشجن الجنوبي عندما يغني الأطوار الريفية، بينما رفض أن يغني إلا بين أصدقائه المقربين، وتمسك باعتباره عازفاً ومؤلفاً للعود. وقد أسس فرقة بابل وقادنا لفترة طويلة وسافرنا لبلدان عديدة لتقديم عروض موسيقية، ثم أسس فرقة بغداد للعود، وفرقة منير بشير، لكن اعتراض عائلة بشير لاستخدامه الاسم جعله يغير اسمها".
 

وُلد سامي نسيم الزركاني في مدينة الرفاعي، محافظة ذي قار في العراق عام 1966، وتخرج في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1985، وحصل على درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد. اختص في تدريس آلة العود وعُيّن مدرساً في معهد الدراسات الموسيقية، وحاضر في مدرسة الموسيقى والباليه وفي معهد الفنون الجميلة (1990-2019).
 
شارك بالعزف على العود مع العديد من الفرق الموسيقية في بغداد، منها الفرقة النغمية المركزية، فرقة بابل، وشارك في مهرجان بابل الدولي. قدم أمسيات عدة في مختلف الدول العربية والأوروبية. له مؤلفات موسيقية منها: شناشيل، قناديل بابلية، موسيقى من العراق، ليل الصوفية، مناجاة، حكاية عود، موسيقى في الذاكرة، عيون جبلية، مناجاة، ليل وعود، ترانيم ما بين النهرين، من وحي قيثارة سومر، شدو الأنامل. وصدر له عام 2022 كتاب "سامي نسيم – المؤلفات الموسيقية" من منشورات نقابة الفنانين، المركز العام.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب