رووداو ديجيتال
في آخر مؤلفاته التي صدرت مؤخرا، كتاب"ما لا يعرفه ماركيز عن السيد غابو"، تناول فيه الكاتب الروائي العراقي علي بدر سيرة غير مذاعة " أخبار تذاع لأول مرة"،للروائي الكولمبي العالمي غابريال ماركيز، الحائز على جائزة نوبل للاداب، ومؤلف اروع رواية حتى الآن"ما ئة عام من العزلة".
الكتاب الذي صدر هذا العام 2024، عن دار (ألكا) البلجيكية في بروكسل، وضمن سلسلة قصص شارع تيفولي، يقع في 230 صفحة من القطع الصغير، وينتمي الى كتب الجيب، بالفعل يعد" سيرة مختلفة" كما ثبت المؤلف على غلافه يتناول معلومات لا نعرفها عن هذا الاديب الذي ما يزال شاغل الدنيا، ليس بابداعاته الروائية والقصصية فحسب، بل بسيرة حياته الحقيقية والمزيفة او التي يسميها االمؤلف "السير غير المرخصة". مثلا ان سيارة ماركيز التي تنقل بها في مكسيكو سيتي كانت مصفحة وبحماية ستة حراس شخصيين، وانه خان زوجته وحبيبة عمره، مرسيديس، التي كان يسميها "التمساح المقدس"، مع ابنة مهاجر عراقي.
علي بدر، الذي جاب اكثر من 15 بلد ومدينة حول العالم وقابل العشرات من الشخصيات، ادباء ومديرة نشر اعمال ماركيز واصدقاء الكاتب الكولمبي، وزار بيوته المتوزعة بين اميركا اللاتينية وباريس ونيويورك، خلال اربعة سنوات، كما اخبرني، من اجل كتابة سيرة متميزة بمعلوماتها الادبية والمعمارية والتشكيلية ، حتى تحولت هذه السيرة الى موسوعة فنية ابداعية جغرافية، جغرافيا الابداع، فهو،علي بدر، يقول"لقد ابهرتني على الدوام السير التي تمر على المكتوب عنه ليقول عنها رأيا، هي أكثر حرية، أكثر ثورية، أكثر تطرفا فهذا ما افضله".
كتاب "ما لا يعرفه ماركيز عن السيد غابو"، وغابو هنا هو غابريل، الاسم الاول للكاتي الكولمبي، المعروض في معرض اربيل الدولي للكتاب بنسخته السادسة عشر، عمل روائي- سيرة ذاتية، يمنحنا درسا بليغا ومهما وشيقا في اسلوب كتابة السيرة الذاتية ليشدنا نحن القراء منذ الغلاف للاستغراق بمطالعته بشغف، وهو ايضا يتضمن سيرة، ولو جزئية، للمؤلف ذاته، علي بدر، عندما يكتب عن تفاصيل رحلته التي انطلقت من هافانا بواسطة مركب بحري عتيق تفوح منه"رائحة قوية كريهة" بصحبة شابة وشاب التقاهم عند الميناء مصادفة.
هنا لا استعرض كتاب"ما لا يعرفه ماركيز عن السيد غابو" ولا انتقده، فانا اولا ما زلت واقع في سحره وقد انحاز كثيرا له، كما اني لا اريد ان احرم القارئ من متعة مدهشة لاكتاشف عوالم ماركيز من خلال سيرته"المختلفة" وتميزها عن سيره"غير المرخصة".
الروائي والمترجم علي بدر ولد ببغداد، وأنهى دراسته للأدب الفرنسي في جامعتها ، ثم أكمل دراسة الفلسفة في جامعة بروكسل في بلجيكا.حصل على شهرة عربية وعالمية واسعة النطاق لتميزه ابداعيا في اعماله، مؤلف 17 رواية وكاتب الكثير من الدراسات وله العديد من التراجم التي نقلت لاكثر من 15 لغة، ونال جوائز عالمية عديدة والقى محاضرات في جامعات غربية مرموقة عن الادب العربي.
عمل محرراً أدبياً في العديد من دور النشر العربية والأجنبية، مثل دار أربر دو بارول، وباربوس، ورياض الريس، المؤسسة العربية، دار المدى، وأسهم في تأسيس دار ألكا ودار الهدف. كما أنه اشترك في إصدار العديد من الأنطلوجيات بمختلف اللغات. سافر وعاش في بيروت، وعمان، وأديس أبابا، ولييج، ونيويورك وبروكسل، ويعمل حاليا مديرا للنشر في دار المدى للثقافة والفنون والاعلام ببغداد.
آخر كتبه المترجمة "وصول متأخر لحفل شاي في قصر الأيل"، وهي مذكرات كتبتها تمارا الجلبي باللغة الانجليزية عن عائلتها.
في معرض اربيل الدولي للكتاب بنسخته الـ 16، تحدث علي بدر لرووداو عن آخر آصداراته وعن اهمية الكتاب كمصدر معرفي انساني.قال حول كتاب "وصول متأخر لحفل شاي في قصر الأيل:"تاخذ تمارا الجلبي، اربعة اجيال من عائلتها ترسم من خلالهم بدقة تاريخ العراق الاجتماعي والثقافي والسياسي عن طريق الشخصيات العائلية التي كانت لهم ادوار سياسية واقتصادية في العراق..تمارا دكتوراة في التاريخ من جامعة هارفرد، كتبت بطريقة علمية وليس مجرد شخص يستذكر فقط امجاد عائلية.. كتبتها بصراحة كبيرةدون ان تخفي او تزيف هذا التاريخ، والسيرة مدونة باسلوب سردي وليس مجرد ذكريات..وانا وجدته كتاب مهم لهذا بادرت بترجمته".
وعن المسافة بين كتابة الرواية والترجمة، اوضح بدر، ان:ط المسافة بعيدة بين كتابة الرواية والترجمة، وانا ككاتب استخدم ادواتي الروائية لنقل المشهد من الانجليزية للعربية، وهذا يختلف من مترجم الى آخر حسب خبرته، ان يترجم الروائي عمل سردي يختلف عن مترجم صحفي، ممكن يكون سطحي".
فيما يتعلق بشعار معرض اربيل الدولي للكتاب "أقرأ..ذكائك ليس اصطناعيا"، وعن تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الكتاب، قال مدير النشر في دار المدى التي وضعت الشعار:" منذ الاف السنسن ارادوا الاستغناء عن الكتاب، وحتى اليوم لم يستطيعوا ذلك او ان يتجاوزوا فكرة الكتاب باعتباره ممثل للمعرفة العميقة..بالتاكيد ما عاد الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة هناك كوكل، الانترنيت بشكل عام لكن هذه تمنحك معرفة سطحية. الكتاب يعطيك المعرفة العميقة التي يحتاج لها المجتمع. في تقديري ان الكتاب سيبقى اساس المعرفة، قد يتغير من ورقي الى رقمي لكن الكتاب كجوهر لن يتغير مهما كانحجم الثورات التقنية التي تحدث الان بما فيها الذكاء الاصطناعي كن هذه التقنيات بحاجة الى معرفة موثقة وهذه ترتبط بالكتاب..حتى اليوم البشرية لا تستطيع الاستغناء عن فكرة الكتاب وسيقى اساسي والذكاء الاصطناعي مهما تطور سيبقى معتمدا على ذكائنا نحن الذين نتحكم به وبمعرفته، لهذا لا خوف منه، الخوف الوحيد هو ان هناك من يؤمن بان الذكاء الاصطناعي اهم من الذكاء البشري".
ونبه الكاتب علي بدر الى ان:"مهمة المثقفين والمبدعين ومعارض الكتب هي اثبات ان الذكاء البشري دائما هو المعول عليه لانه يعتمد على شيء اساسي هو ان المعرفة مرتبطة بالانسانية بينما الذكاء الاصطناعي يحاول ان يكون معرفة مجردة وهذه احيانا تكون قاتلة".
وأكد بأنه "من المستحيل ان يستعيض الذكاء الاصطناعي عن الكاتب او الشاعر او المترجم، نعم هناك تطورات تقنية لكنها تبقى قاصرة ازاء التحسس البشري..العاطفة هي جوهر المعرفة او الرغبة بالمعرفة هي شكل من اشكال العاطفة، وهذا يعني ان الكتاب ما يزال هو سيد المعرفة كتاليف ومعرفة".
وحول القيم التي تتبعها دار المدى في نشر كتبها، قال مدير النشر في الدار:"كل دار تختلف في سياستها عن الدار الاخرى، في البداية نحن نضع سياسة النشر وما هي اهدافنا في اختيار العناوين، هناك الكثير من دور النشر اهدافها تجارية، تختار كتب سريعة البيع، نحن لا نستطيع ان نفعل ذلك عندنا مجموعة من القيم الاساسية كان تكون الدار مكتفية اقتصاديا وفي ذات الوقت نحافظ على القيم الاخلاقية والثقافية والسياسية والاجتماعية للقارئ، وفي مقدمتها المعرفة الانسانية، كيف نختار من هذا الكم الهائل الذي يكتب في العالم بشرط ان يقلل الحاجة للعنف بمعنى ان نعطي للشخص كم من المعرفة التي تعينه على الاستمرار بانسانيته ونهيء له متعة اساسية هي متعة القراءة والاكتشاف ونضعه في وسط العالم".
وأوضح أنه "في التراجم مثلا نشدد على ان يكون الكتاب مترجما من لغته الاساسية ، الكتاب الروسي يترجم عن الروسية وكذلك بقية اللغات وليس من لغة اخرى، نحرص على نشر الكتب التي تقدم معلومات حياتية ونافعة في الوقت الحاضر، نهتم بالتجربة الانسانية وفي قضايا المعاصرة، البيئة مثلا، وكيف ان يعمل الكتاب ثورة داخلية خاصة عند الشباب.. دار المدى اشتهرت بنشر الابداعات الادبية العراقية ووالعربية والعالمية بشكل عام ونحن نحاول ان نقدم تقديم الادب العالمي للقارئ، الادب الانساني الذي يشجع على روح التعايش وحرية المراة واستقلالها والاستقلال الاقتصادي والسياسي، هذه هي المبادئ الاساسية التي نتبعها في سياسة النشر".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً