رووداو ديجيتال
الكورد والصلابة التي اكتسبوها من قوة جبالهم، والموسيقى والغناء والفرح مجبولون من طينة واحدة. هم يغنون في افراحهم واعيادهم واحزانهم وشدائدهم وفي عشقهم وفراقهم لمن يعشقون، وفي لقاءاتهم ومعاركهم ووحدتهم، وفي عباداتهم، فالموسيقى والغناء طقس من طقوس دياناتهم الاصلية، الزارادشتية والكاكائية، وهم يغنون عندما يصلون ويتقربون للرب عبر اصواتهم التي تخرج من ارواحهم وليس من حناجرهم، وتردد الجبال والوديان صدى اغانيهم وموسيقاهم، حتى تبدو هذه الجبال، رغم قسوة صخورها، تغني معهم.
هذا ما تجسد في الاحتفال الذي اقامته شبكة رووداو الاعلامية، مساء اليوم الاربعاء 20 آذار 2024 على صالة القاعة البيضاء في اربيل، بمناسبة اعياد نوروز ورأس السنة الكوردية 2724. تجسيدا لمفهوم ان عيد نوروز هو عيد الحياة..وحفل شبكة رووداو جمع كل عناصر الحياة الكوردية، الفرح والموسيقى والغناء والجمال في مكان واحد.
الحسناوات الكورديات اللواتي حضرن الحفل اثثن المكان بابتساماتهن التي بدت مثل طيور برية حلقت في فضاء الحفل، وبأزيائهن التقليدية الملونة التي صارت مثل بقعة من ربيع كوردستان التي افترشت الجبال وسفوحها والوديان، الى جانب الرجال الكورد وهم فخورون بازيائهم التراثية التي تعبر عن اعتزاز الكوردي بهويته وانتمائه وتواصله مع الاجداد.

وهل يمكن ان يبدأ الحفل الا بالموسيقى والغناء الكوردي؟ فكانت دفوف الفنان الكوردي المبدع هجار زهاوي وفرقته التي اتقدت مثل شعلة نوروز وكانها حلقت من اعلى قمة في مدينة عقرة الى فضاء الحفل، ومعها الهبت اكف وارواح الحاضرين بالتصفيق تناغما مع ايقاعات زهاوي المتميزة.
ثم جاء دور الغناء، فانطلق مثل شلال ربيعي هادر من حنجرتي المطربين الكورديين المعروفين، ناصر رزازي، الفنان الكوردي الذي يختصر كل تراث واصوات ومقامات والحان الغناء الكوردي، صوته الذي يعبر المسافات دون عوائق او حواجز جغرافية ليؤكد ان كوردستان هي اغنية وهي موسيقى وهي تآلف روحاني منيع، رزازي المولود في بلدة سنه، في كوردستان الشرقية(ايران) وبدأ من هناك رحلته الغنائية. ثم هاجر الى اوربا ليقول للعالم ان الصوت الكوردي يعلو اينما يكون، قبل ان يعود الى اقليم كوردستان ويورق بها غنائه مثل غابات جبلية.
وحتى تكتمل ملحمة الغناء والكلمات والموسيقى والاصوات رافق رزازي، الشاعر والعازف والمطرب الكوردي شفان برور المنحدر من مدينة أورفة في كُردستان الشمالية(تركيا) والذي يعتبر من أحد أشهر رواد الأغاني الكردية وحاصل على العديد من شهادات الدكتوراة الفخرية في الموسيقى. شفان كان قد اضطر الفرار من تركيا بسبب أغانيه الوطنية وعاش في المنفى 37 سنة قبل ان يعود إلى ديار بكرعام 2013 .
مع دفوف وموسقى زهاوي من اقليم كوردستان وصوت وكلمات اغاني رزازي برور، حيث غنوا من ارواحهم وليس بحناجرهم، الذين جمعتهم رووداو في حفلها النوروزي، وحماسة الحاضرين الذين رددوا الاغاني مع المطربين، وقيل(أذا طابت النفوس..غنت) ونفوس المحتفلين كانت قد طابت، ولم تغني فقط بل اكملت جماليتها وبهجتها بالدبكات الكوردية المتميزة بخفة ورشاقة حركاتها التي تعني التلاحم والتآزر، لتكتمل الطقوس النوروزية التي جمعتها شبكة رووداو من اطراف كوردستان والكورد بابداعاتهم. . فانا لم التق في حياتي كورديا لا يغني او لا يعزف، على الدف في الاقل، ولا يؤدي الدبكات على اختلاف اساليبها، حتى يبدون وكانهم يحلقون عاليا مثل الصقور منتشين بكلمات اغانيهم الساحرة.
الكورد هم خير من يجسد الحكمة البابلية المقدسة المنقوشة على جدران معبد بابلي والتي تقول: "أبق حيث الغناء..فالاشرار لا يغنون"، والى هذه الحكمة البابلية السامية ينتمي الكورد الذين يدركون اهمية الغناء، الذي يعتبر واحدا من ابرز معالم الحضارة الكوردية، حيث منحهم ميزة البقاء والتحدي والاصرار والفرح رغم كل ما لاقوه، عبر التاريخ، من غزوات وحروب تدخل ضمن مفهوم الابادة الجماعية.

وكانت شبكة رووداو وبمناسبة عيد نوروز ورأس السنة الكوردية 2724، قد هنأت" جميع مشاهدينا في كوردستان والعالم، ونتمنّى أن يصبح نوروز هذا العام نوروز السلام والرخاء لعموم شعب كوردستان"، مضيفة بقولها: "رغم الصعوبات والعراقيل الكثيرة، تواصل شبكة رووداو الإعلامية تقدّمها وتطوّرها. تختلط رووداو على نحو أكثر بالناس، وفي العام الماضي أدخلت شكلاً جديداً في عملها من خلال حضور المجتمع في أعمالها..كما وسّعت رووداو في العام الماضي مكانتها وحضورها على المستوى العالمي. والتقارير الصادرة عن كبريات الوكالات العالمية حول تأثير رووداو وكذلك الجوائز التي نالتها دليلٌ آخر على هذا التأثير الذي تمارسه شبكة رووداو الإعلامية".
وأكدت أن:" شبكة رووداو تعمل للعام الجديد على خطّة أوسع لتكون على الدوام جديرة بالمحبّة التي تحظى بها وسط المجتمع. كما أنّها سوف تستمرّ، بالتعاون مع الأمم المتّحدة، في دعمها ومساندتها للنساء والشباب في مجال التأهيل الإعلامي".

تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً