رووداو ديجيتال
اتفق كاتب القصة والروائي الكوردي، حسن سليفاني، رئيس اتحاد الادباء الكورد في محافظة دهوك، والناقدة الاكاديمية الادبية العراقية تمارا رياض، التدريسية في جامعة نينوى، على ان :"المخرجين السينمائيين وكتاب السيناريو العراقيين، العرب والكورد، ابتعدوا عن الاستفادة من القصة والرواية العراقية ، العربية منها والكوردية، لتحويلها الى اعمال سينمائية ودرامية".
وقال كل من حسن سليفاني وتمارا رياض في حديثين منفصلين لشبكة روواداو عن علاقة السينما والادب، بان:"صناع الافلام لم يرتقوا الى النتاج الابداعي الادبي ليستفيدوا منه في صناعة سينما عراقية راقية".
سليفاني: مخرجون مغرورون
ووصف سليفاني العلاقة بين الادب والسينما في اقليم كوردستان والعراق عامة بانها:"تعاني من تنافر وتباعد وهذا امر غير سليم وليس في صالح السينما الكوردية والعراقية". مضيفا بقوله:"، ان القصص والروايات الكوردية تصلح لان تكون افلام سينمائية متميزة..انا اكتب باللغتين الكوردية والعربية ..وقبل سنوات اتصل بي مخرج من محافظة السليمانية، كان قد قرأ لي قصة باللغة العربية اسمها (خبز محلى بالسكر)، وطلب من احد اصدقائي ان يحصل على موافقتي لتحويلها الى فيلم قصير بعنوان( الخبز المر) اي عكس اسمها الاصلي تماما ، وقد وافقت على ذلك وتم انتاج الفيلم الا اني لم اشاهده حتى الان".
وأوضح كاتب القصة والروائي الكوردي حسن سليفاني قائلا:"من المفترض ان تكون العلاقة بين الادب والسينما متداخلة، واستطيع القول بان السينما تتكأ على الادب في انتاج الافلام.. السينما والادب يشتركان في خلق صناعة الجمال ..ولو القينا نظرة على الروايات الغربية المهمة التي تحولت على ايدي مخرجين كبار الى افلام سينمائية خلدها التاريخ ولوجدنا انها خلقت اثرا كبيرا في السينما العالمية، مثل فيلم (ذهب مع الريح) المأخوذ عن رواية بذات العنوان للكاتبة مارغريت ميتشل وفيلم (البؤساء) عن رواية بنفس الاسم للكاتب فكتور هوجو، او (قصة مدينتين) للكاتب تشارلز ديكنزوغيرها من الاعمال الادبية العظيمة التي حولت مسار السينما العالمية". مضيفا:" وفي العالم العربي هناك العديد من روايات الكالتب المصري نجيب محفوظ التي تحولت الى افلام سينمائية مثل(اللص والكلاب) و(الكرنك) و(خان الخليلي) و(ثرثرة فوق النيل) وغيرها الكثير..ذلك ان السينما عندما تعتمد على القصة او الرواية ستكون اكثر نضجا حسب اعتقادي".
واكد بان:"السينمائيين العراقيين ما زالوا بعيدين عن القصة والرواية رغم ان هناك بعض الافلام السينمائية العراقية، وهي قليلة بل نادرة،اعتمدت على الرواية .. وفي اقليم كوردستان تشعر ان هناك تنافر وتباعد بين الرواية وصناع السينما ربما سببه الغرور اللا مبرر للمخرجين وصناع السينما في العراق واقليم كوردستان، وهم لا يؤمنون بالتلاقح او التداخل بين الرواية والقصة والسينما وهذا خطأ كبير لان القاص او الروائي عندما يكتب يمنح مادة ابداعية جاهزة وغنية للمخرج السينمائي من خلال الاتفاق مع الكاتب لتقديم عمل محلي متكامل، لا سيما واننا نسعى لانتشار الادب المحلي سواء من خلال الترجمة او السينما وكذلك نطمح لصناعة سينمائية متطورة وهذه فرصة للسينمائيين العراقيين والكورد بان يعتمدوا على الاعمال الادبية العراقية والكوردية لانتاج افلامهم، لكنهم للاسف يبحثون في مناطق اخرى وعالم آخر وادعوهم الى مراجعة انفسهم".
ونبه كاتب القصة والروائي الكوردي حسن سلفاني الى ان:"المخرجين السينمائيين الكورد والعرب يحاولون احتكار كل شيء لانفسهم في صناعة الفيلم، من كتابة القصة والسيناريو الى الاخراج وفي احيان كثيرة حتى التمثيل وباعتقادي هذا لا يصلح لانتاج سينمائي احترافي ورصين". مستدركا بقوله:"قد يكون قلة الانتاج السينمائي سببا في عدم انتاج افلام تعتمد على الادب المحلي لكن الدعم الذي قدمته وزارة الثقافة في حكومة اقليم كوردستان يعتبر فرصة لانتاج افلام تعتمد الادب الكوردي وهذا ينطبق على السينما العراقية حيث قدمت وزارة الثقافة الاتحادية دعم كبير للسينما ولم يتم استغلاله لصناعة افلام راقية تعتمد الروايات العراقية الا فيما ندر ولم تاتي النتائج مرضية للاسف". . متمنيا:" ان تكون هناك ورشات عمل ولقاءات بين الكتاب وصناع السينما لخوض نقاشات حرة وبعقول منفتحة في هذا الصدد خدمة للادب والسينما والجمهور في العراق واقليم كوردستان".
وشخص سليفاني، رئيس اتحاد الادباء الكورد في محافظة دهوكا بان:"التعالي من قبل المخرجين ادى الى انتاج افلام عن روايات رائعة لكن افلامهم جاءت بنتائج مخيبة للامال وبقيت الرواية افضل من الفيلم، ولو اجتهد المخرج بخوض نقاش من الروائي وفهم الرواية جيدا لما كانت هذه الحصيلة من الافلام غير المقبولة". مضيفا:"كنت اتمنى دائما ان اشاهد في المهرجانات السينمائية، واهمها مهرجان دهوك السينمائي، قصصا وروايات كوردية قد تحولت الى افلام تشارك في هذا المهرجان، لكن للاسف ونحن اليوم في الدورة العاشرة من عمر المهرجان و لم تتحقق هذه الامنية".
تمارا رياض: عاجزون عن فهم الرواية
الناقدة الادبية الاكاديمية تمارا رياض اوضحت بان": الرواية والسينما في العراق كانتا قد شكلتا منذ بداية السبعينيات علاقة متلازمة، وكان لهذه العلاقة تاثير ايجابي على السينما من خلال الرواية التي اثرت في تطوير اساليب ومستوى السينما العراقية خاصة على مستوى الحبكة والافكار وجذب الجمهور". مضيفة بقولها:" بالرغم من ان السينما العراقية بدأت مبكرا في فيلم(ابن الشرق) وانتاجه عراقي مصري سنة 1945، وفيلم (سعيد أفندي) عام 1957، لكن تحويل الروايات العراقية الى السينما بدأت منذ بداية السبعينيات وما تلاها في افلام: (الضامؤون) عن رواية للكاتب عبد الرزاق المطلبي، وفيلم (المنعطف) عن رواية (خمسة اصوات) للكاتب غائب طعمة فرمان، وفيلم (الاسوار) عن رواية (الاسوار والقمر) للكاتب عبد الرحمن مجيد الربيعي، وفيلم (المسرات والاوجاع) عن رواية بذات الاسم للكاتب فؤاد التكرلي، وهذا الفيلم انتج ضمن منهاج وزارة الثقافة العراقية بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013، لكن عرضه تم قبل اقل من شهرين ولم يلقى اقبالا سواء من قبل النقاد او الجمهور".
وأشارت الناقدة تمارا رياض الى انه:"حاليا لا توجد سينما عراقية بمعنى المصطلح، بل توجد اعمال تلفزوينية (دراما)، وهذه ايضا لم تعتمد على الرواية، ولاتليق بالنتاج الادبي العراقي.. هناك نتاج ادبي سردي روائي وقصصي عراقي غزير والكثير منه ينطوي على مستوى متطور لكن السينما غائبة او تدير ظهرها للرواية العراقية، واهم الاسباب عدم تمكن كاتب السيناريو او المخرج من تحويل السرد الروائي الى السينما". منبهة الى ان هذا:"عكس ما حدث ويحدث في السينما المصرية التي انتجت عشرات الافلام المستمدة من روايات نجيب محفوظ وأحسان عبد القدوس، وتوفيق الحكيم وجمال الغيطاني وغيرهم، والسينما المصرية متطورة بسبب غزارة الانتاج ولا يمكن مقارنتها بما ينتج من افلام محدودة العدد وبفترات متباعدة".
واوضحت الناقدة تمارا رياض قائلة:"اعترف بانه ليست كل الروايات العراقية صالحة لان تتحول الى افلام سينمائية او مسلسلات درامية، فانا اطروحتي لنيل شهادة لدكتوراة كانت عن اعمال الروائية العراقية لطفية الدليمي، واستطيع القول انه من مجموع اعمالها اجد من المناسب مثلا تحويل روايتها(عشاق وفونوغراف) الى مسلسل درامي تلفزوني، كونها رولئية وثائقية تاريخية واحداثها تمتد على فتراة زمنية طويلة، وتتحدث عن اربعة اجيال، لذلك من الصعوبة اختصارها بفيلم سينمائي، اما روايتها (سيدات زحل) فمن الممكن تحويلها لى فيلم سينمائي، كونها تتناول احداث معاصرة مع استرجاع للماضي"، منبهة الى ان:" تحويل العمل السردي الروائي الى السينما يحتاج الى كاتب سيناريو من طراز متقدم وقارئ ومحلل جيد للرواية، ذلك ان كاتب السيناريو والمخرج السينمائي هو مؤلف ثاني للرواية وهذه مهمة معقدة للغاية".
وحول الروايات العالمية التي تعتبر من كلاسيكيات الادب الغربي وتم تحويلها الى السينما وأثرت بها، قالت الناقدة الادبية تمارا رياض:" هناك روائيين عالميين يرفضون تحويل اعمالهم الى السينما واشهرهم الكاتب الكولومبي غابريال ماركيز الحاصل على جائزة نوبل للاداب، وعندما تم اقناعه بتحويل روايته الرائعة (الحب في زمن الكوليرا) الى فيلم سينمائي جاءت النتائج مخيبة لكل من قرأ الرواية.. لكن هناك افلام سينمائية غربية استمدت مادتها من روايات عظيمة وتعتبر علامات فارقة في تاريخ السينما، مثل رواية (دفتر الملاحظات) Note Book للكاتب نيكولاس سباركس، وتحولت الى فيلم بنفس الاسم، والرواية الرائعة (جين إير) للكاتبة شارلوت برونتي والتي تم انتاجها للسينما ثلاثة مرات وبفترات متباعدة، وكذلك رواية (النساء الصغيرات) Little Women للكاتبة لويزا ماي الكوت، وتحولت الى فيلم بذات الاسم".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً