تشكيليون عراقيون لرووداو: مهرجان الواسطي فضل الكم على النوع

04-03-2024
معد فياض
الكلمات الدالة معرض الواسطي العراق الفن التشكيلي
A+ A-

رووداو ديجيتال

يجلس الواسطي، كتمثال، على بعد أمتار من قاعة الفنون في وزارة الثقافة ببغداد، والتي اقيم فيها المهرجان الذي يحمل اسمه بنسخته الـ 15، وهو يدير ظهره لكل ما يعرض، باسمه من اعمال فنية داخل القاعة.
 
يحيى بن محمود الواسطي، رسام وخطاط عربي مسلم، اشتهر بفن المنمنمات الإسلامية، ويُعد أحد أهم مؤسسي مدرسة بغداد للتصوير، وأشهر الرسامين العرب في أواخر العصر العباسي، ولد في واسط، شرقي العراق، بداية القرن الثالث عشر الميلادي، وخطَّ عام 1237 نسخة من مقامات (قصص) الحريري وزينها بمائة منمنمة من رسومه تعبر عن خمسين مقامة، وكان عمله هذا أول عمل في التصوير العربي يُعرف اسم من صنعه.
 
وكتاب مقامات الحريري المزين برسوم الواسطي محفوظ في المكتبة الوطنية بباريس، وتوجد نسخة أخرى منه  في مكتبة سانت بطرسبرغ بروسيا، إلا أنها وقعت فريسة الإهمال. وزوق، اضافة الى مقامات الحريري أكثر من نسخة من امهات الكتب العربية، ويعتبر مؤسس مدرسة بغداد للمنمنمات ويبرز كأستاذ فن تشخصي بدلا من أن يخضع إلى القواعد والاصول الفنية التقليدية حيث كان رسم الوجوه والاشخاص (التشخيص) محرماً وقتذاك، وكان مثقفاً واسع الاطلاع وترجم الصور الذهنية إلى واقع، وعاصر جيلاً من مفكري العراق أمثال المؤرخ ابن الأثير الجزري والعالم ابن الرزار الجزري، والجغرافي ياقوت الحموي، وغيرهم.
 
أقام معارض في مكتبات المدرسة المستنصرية ببغداد واقتنيت له أعمال فنية (مخطوطات) في الأندلس والمغرب العربي خصوصاً من قبل ملوك الموحدين في مراكش.
 
تخليداً لهذا الرسام المبدع والمتميز في التاريخ الحضاري العراقي، افتتح امس على قاعات وزارة الثقافة الاتحادية الدورة الـ 15 لمهرجان الواسطي الذي شارك فيه اكثر من 200 فنان تشكيلي، بواقع: 123 رساماً، و44 نحاتاً، و13 خزافاً.
 
تشكيليون عراقيون تحدثوا لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاثنين (4 آذار 2024) تباينت آراؤهم حول مستوى الاعمال الفنية المشاركة، بينهم من اعتبر مستوياتها متدنية، والبعض الاخر عد مشاركة اعمال ضعيفة لا تليق باسم ومستوى المهرجان، وهناك من ابدى رأياً حيادياً معتبراً مشاركة هذه الاعمال لا تنال من تاريخ المنجز التشكيلي العراقي.
 
سلمان عباس: غياب النحت
 
الفنان التشكيلي سلمان عباس، الذي يشارك بمعرض الواسطي منذ سنوات طويلة يرى بأن "قاعات المعرض قسمت الى مستويات مختلفة حسب تميز اللوحات المعروضة، فضمت القاعة الرئيسية اسماء متميزة لفنانين تشكيليين لهم تجاربهم العميقة، وقاعات عرضت اعمال مختلفة بينها اعمال ليست بمستوى المعرض"، منبهاً بقوله: "على العموم فان الاعمال الضعيفة المعروضة قليلة وفي كل معرض تتسرب مثل هذه الاعمال بسبب المحسوبية والمجاملة".
 
ويعتبر الفنان التشكيلي سلمان عباس، الذي ينتمي الى جيل الستينيات المتميز بانجازاته التشكيلية المهمة، بأن "جيل الستينيات وهو الافضل بتجاربه وعطائه في الحركة التشكيلية العراقية"، مردفاً أن "الحركة التشكيلية في العراق مرت بفترات سبات وحالياً بدأت تنهض وهناك جيل من الشباب المتميزين بتجاربهم ".
 
واعتبر الفنان التشكيلي سلمان عباس النحت العراقي "شبه غائب في هذا المعرض، وذلك بسبب الاحتياجات الصعبة للنحات لهذا تم عرض اعمال قليلة وصغيرة الحجم ومتفرقة بين عروض اللوحات المرسومة وذات الامر حدث مع الاعمال الخزفية، وكنت اتمنى ان يكون هناك قسم مميز للنحت والخزف وتعرض فيه اعمال كبيرة مثلما كان يحدث في المعارض السابقة".
 
عاصم الامير: نكبة تشكيلية
 
الفنان التشكيلي والناقد الاكاديمي عاصم الامير، قال: "قد يبدو رأيي قاسيا الى حد ما، لكن الموضوعية تقتضي ان اقول الحقيقة، ذلك ان نسبة ضئيلة جداً من الاعمال الجيدة قابلة للعرض والغالبية العظمى من الاعمال لا تستحق المشاركة اساساً في معرض مهرجان الواسطي"، مضيفاً: "لقد فوجئت من مستوى الأعمال المعروضة، ولا اعرف ما هي نوايا دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة وهي تعرض هذا الكم الهائل من الاعمال التي لا تمثل ولا تنتمي الى الحركة التشكيلية العراقية وغير القابلة للعرض"، مشيرا الى "مستواها الضعيف وكان بالامكان اختصار العدد باعمال ابداعية لاضاءة لحظة مهمة في تاريخ الحركة التشكيلية".
 
لكن الفنان التشكيلي عاصم الامير، الاستاذ السابق في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل، لا يبخس حقوق الاعمال المتميزة، ويقول: "هناك اعمال معروضة رائعة ضاعت في خضم الاعمال السيئة وغير الصالحة للعرض والسبب، حسب اعتقادي هو ان دائرة الفنون التشكيلية تعاني من عزلة مع الشارع والفنان التشكيلي العراقي ومع الوضع الثقافي بشكل عام وبالتالي ربما يعتقدون انه لا باس ان يقبلوا بعرض اي عمل اراد صاحبه المشاركة وبدون معايير فنية، ووجدوها فرصة حسبما يعتقدون لاعادة ثقة الفنانين بالدائرة"، مضيفاً: "حسب اعتقادي هذا لم يحدث مع الاسف .الاعمال الضعيفة الكثيرة ابتلعت الاعمال الجيدة وهناك اسماء مهمة في الحركة التشكيلية العراقية ضاعت بين اعمال مبتدئين ومقلدين وسارقين".

 

لا يتوفر وصف.

 

وخلص الفنان التشكيلي عاصم الامير الى ان "مثل هكذا معرض لا يغني الحركة التشكيلية العراقية ولا يضيف لها اي شيء سوى تحسين صورة المسؤول السياسي الذي يدير هذا القطاع واعطاء احساس انه من الممكن اعادة ثقة الفنانين العراقيين بدائرته ليس الا".
 
ولفت الى أنه "في المعارض السابقة كانت هناك لجان صارمة بمقاييسها الفنية ويختارون الاعمال الابداعية المناسبة، بينما الاعمال الهابطة لا تجد طريقها للعرض، لكن اليوم هناك استسهال غير مبرر للعرض دون مراعاة المقاييس الفنية والاعمال الجيدة تحولت الى ضحايا"، معتبراً هذا المعرض "نكبة في تاريخ الفن التشكيلي العراقي، وانا شاركت فيه كوني فنان تشكيلي عراقي غيور على سمعة وتأريخ منجز التشكيل العراقي وبتواضع قدمت عمل فيه روح من الواسطي ويحمل هوية الفن التشكيل العراقي".
 
علي الدليمي: تنوع فكري
 
على العكس من رأي الفنان عاصم الامير، اعتبر الفنان والناقد التشكيلي علي الدليمي ان "جميع معروضات هذه النسخة من مهرجان الواسطي للفن التشكيلي اتسمت بالتنوع الفكري المعاصر، وإختلاف الأساليب الفنية المتجددة، وتفاوت بالأجيال التشكيلية، نساء ورجال، وهذا من الحسنات الكبيرة التي تصب جميعها في صالح الحركة التشكيلية في العراق، كون ذلك سيخلق نوعاً من التلاقح الفكري والفني المستقبلي، فضلاً عن التنافس المشروع، الذي يبشر بالتالي بجيل من الفنانين الشرعيين في مجالات الرسم والنحت والخزف".
 
وأضاف الدليمي قائلاً ان "عشرات الأعمال الفنية التي جلبت إليها الأنظار والإعجاب، وهي تتألق على أروقة مركز الفنون، قد حضرت كل المدارس الفنية: الإنطباعية والتعبيرية والتكعيبية والتجريدية.. إلخ، ليقول جميع المشاركين بأنهم سائرون مع ركب الفن العالمي إن لم نقل الأفضل".

 

لا يتوفر وصف.

 
ونبه الى أن "هنالك عدداً من الفنانين العرب والأجانب قد شاركوا في هذا المهرجان، فضلاً عن عدد آخر من فنانينا المغربين قد حضروا هذا المحفل الجميل. أما أن تكون هنالك بعض الآراء، بشأن بعض الأعمال هنا وهناك، فهذا لا يشكل أبداً معضلة أو سلبية في نجاح هكذا مهرجان كبير".
 
محمد فتاح: للتشكيل الكوردي تميزه
 
الفنان التشكيلي الكوردي الاكاديمي محمد فتاح يشارك للمرة الثالثة في اعمال مهرجان الواسطي للفن التشكيلي. اعتبر ان "المعرض المقام  جيد وان هناك تنوع في الاساليب واسماء فنانين من مختلف انحاء العراق وخارجه"، ولم يخفي فتاح بأن "هناك اعمالاً ضعيفة دون المستوى، حتى اني تحدثت اليوم مع المدير عام دائرة الفنون التشكيلية عن اهمية وضع لجنة اختيار حاسمة للاعمال التي تشارك في هكذا معرض".
 
واوضح الفنان التشكيلي محمد فتاح أن "هناك اربعة فنانين تشكيليين كورد شاركوا في هذا المهرجان، وهم: صالح النجار ونامق ويسرى طالباني وانا، واستلمنا الدعوات مسبقاً ونلاقي اهتماماً جيداً بنا كفنانين كورد"، موضحا ان "الحركة التشكيلية في اقليم كوردستان هي جزء من المنجز التشكيلي العراقي مع اختلاف الاساليب والالوان بسبب تنوع الطبيعة والتشكيليين العراقيين سواء ببغداد او باقي المحافظات ينظرون بتقدير عال واهتمام للمنجز التشكيلي الكوردي".

 

لا يتوفر وصف.

وخلص فتاح الى ان "مثل هذه المهرجانات، مثل الواسطي الذي له تاريخ نجد فيه اسماء مهمة من بغداد ومن بقية المحافظات العراقية وتؤكد تميز الفن التشكيلي العراقي وتجدده"، منبهاً الى ان "الجمهور الذي حضر الافتتاح نخبوي وغالبيتهم من الفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي ونتمنى ان يكون الحضور جماهيرياً ومتنوعاً، كما ندعو المؤسسات الفنية الرسمية لاقامة هذا المهرجان في السليمانية باعتبارها مدينة عراقية  وان لا تبقى محصورة ببغداد، فالعراق واحد والهدف واحد".
 
منى مرعي: لجان اختيار مميزة
 
الفنانة التشكيلية منى مرعي، تشارك للمرة الرابعة باعمال مهرجان الواسطي بنسخته الـ 15، تقول: "انقطعت عن المشاركة بضع سنوات قبل ان اعود بدعوة من دائرة الفنون التشكيلية وذلك بسبب الانتقائية للدائرة والان اتيحت لي فرصة تبدو افضل من سابقاتها".

 

لا يتوفر وصف.

 

وترى الفنانة التشكيلية منى مرعي أن "كثرة المعارض التشكيلية تولد حركة ايجابية ولو ان هناك اعمالاً ضعيفة ونحتاج الى لجان تلتزم بمعايير فنية متميزة، تبتعد عن المجاملة والمحسوبية وان تكون انتقائيتها عالية".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب