رووداو ديجيتال
أثار موضوع خفض التعرفة الكمركية على الحديد المستورد من الخارج، والذي يلقى رواجاً اكبر من الحديد المنتج محلياً، ردود فعل في معامل صناعة الحديد في اقليم كوردستان، في ظل الفارق الواضح بين الحديد المحلي والايراني المستورد من حيث الجودة والمتانة، ما يلقي تساؤلات حول الجهات التي تقف وراء اغراق السوق المحلية في البلاد بالحديد الايراني، ووسط تحذيرات من تسبب ذلك باغلاق معامل محلية وفقدان الاف فرص العمل.
توجد في اقليم كوردستان تسعة معامل لانتاج قضبان البناء الحديدية، وحسب الطلب فهو بحاجة سنوياً لما بين 700 الف الى مليون طن من الحديد، في حين لدى معامل اقليم كوردستان القدرة على انتاج ثلاثة اضعاف الكمية المذكورة، وهي تقوم بانتاج 3 ملايين و700 الف طن من الحديد سنوياً والتي تبلغ مواردها مليارين و600 مليون دولار.
نحو 75% من انتاج اقليم كوردستان من الحديد يُصرف في اسواق وسط وجنوب العراق، لكن الحديد الإيراني يكاد يسيطر على الميدان الآن، ويتسم سوق التجار ومستوردي الحديد الإيراني بالرواج، وهم يقومون الآن ببيع أرخص انواع الحديد في اقليم كوردستان.
رداءة الحديد الايراني
مالك معمل حديد قال لمراسل شبكة رووداو الإعلامية، رنج جمال، ان "رخص جزء من الحديد المستورد يعود لسوء نوعيته وانخفاض التعرفة الكمركية المفروضة عليه، بحيث يصل سعر الطن الواحد من الحديد الإيراني الى 600 دولار، اما سعر الطن الواحد من الحديد المحلي يتراوح بين 640 الى 650 دولاراً، ما أثر سلباً على مستوى الطلب على منتجهم المحلّي".
مراسل شبكة رووداو الاعلامية، توجّه الى أحد مختبرات فحص حديد البناء، وقام بفحص مباشر للحديد المحلي والحديد المستورد من الخارج، لقوة وحجم وجودة كلا النوعين، وأجرى المقارنة بين قضيبين حديديين، محلي ومستورد، بقياس 12 ملم، حيث أظهرت نتائج الفحص ان القضيب المنتج محلياً يطابق المعايير وقياسه 12 ملم، لكن القضيب المستورد كان قياسه نحو 10 ملم، أما في فحص وزن القضيبين اللذين لا يتجاوزان 50 سنتمتراً، ظهر ان الحديد المحلي يصل وزنه الى 430 غراماً، في حين كان وزن المستورد أخف ولم يتجاوز 358 غراماً.
في فحص القوة والضغط والذي يجب ان يتجاوز حسب المعايير المحددة 500 درجة، ظهر ان الحديد المحلي تصل قوته الى 532 درجة، بينما الحديد المستورد سجّل 410 درجات فقط.
معامل مهددة بالاغلاق
من جانبه، قال برهان فريدون، وهو مدير معمل "ميد ستيل" للحديد، لشبكة رووداو الاعلامية انه "لم يكن لذلك تأثير سلبي فقط، بل اذا استمر الوضع على هذا الحال سنقع تحت تهديد اغلاق معاملنا مع زيادة استهلاك الطاقة وارتفاع التكاليف".
أما هيمن عمر، وهو تاجر حديد، ذكر لشبكة رووداو الاعلامية أن "سعر الحديد الإيراني المستورد يبلغ 600 دولار في اسواق اربيل، وبالمقارنة مع ما ينتج في معاملنا، هناك فرق في سعر الحديد المحلّي والإيراني يصل الى 60 دولاراً".
حكومة اقليم كوردستان، كانت قد اصدرت في أواخر شهر تموز الماضي، قراراً يقضي بخفض الضرائب والتعرفة الكمركية على الحديد المستورد للبناء بنسبة 50%.
المنافذ الحدودية: جميع الارساليات تخضع لفحص دقيق
من جانبه، قال المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء الدين القيسي، لشبكة رووداو الاعلامية انه "فيما يخص منافذنا الاتحادية، فإن جميع الارساليات تخضع للفحص الدقيق المطابق للشروط وضوابط الاستيراد التي وضعتها وتكفلت بها قوانين الحكومة العراقية".
ولفت الى ان "أي مادة تدخل سواء كانت غذائية او مواد طبية او ميكانيكية او انشائية او قطع الغيار او اثاث منزلي، فهو يخضع لشروط وضوابط الاستيراد، التي تكون ضمن مواصفات محددة من قبل الجهات العاملة في دوائر منافذنا الحدودية"، مؤكداً: "لا نسمح بدخول اي مادة خارج ضوابط اجراءات هيئة المنافذ الحدودية الصارمة بالتعاون مع كافة الدوائر العاملة في منافذنا لغرض الحفاظ على سلامة وأمن المواطن والبلد".
المباني عرضة للانهيار بنسبة 1000%
في هذا السياق يقول أحد المهندسين المعماريين إن "الحديد المستورد عندما يستخدم في البناء يكون البناء عرضة للانهيار في حال حدوث أي كارثة طبيعية، ليس بنسبة 100% بل بنسبة 1000%".
جاء ذلك في حلقة يوم الأحد (16 تشرين الأول 2022) من برنامج "مع رنج" مخصصة للبحث في نوعية الحديد المنتج محلياً والعقبات التي تعترض طريق مصانع إنتاج الحديد في إقليم كوردستان.
وللبحث في هذا الموضوع، استضاف البرنامج كلاً من مدير عام دائرة المدن والمناطق الصناعية في هيئة استثمار إقليم كوردستان، بشتيوان حمة سعيد، والخبير في المديرية العامة لكمارك إقليم كوردستان، جليل صابر، والمدرس في قسم الهندسة المدنية بجامعة السليمانية، عمر قرني، وممثل جمعية مصانع الحديد ومدير مصنع حديد أربيل، علي إبراهيم، والأستاذ المساعد في قسم علوم الأرض بكلية العلوم – جامعة السليمانية، عرفان عمر، والتاجر في مجال الحديد، وريا أنور.
11 مصنعاً في إقليم كوردستان
يوجد بإقليم كوردستان 11 مصنعاً لحديد البناء خمسة منها في أربيل وأربعة في السليمانية واثنان في دهوك، ويشكو أصحاب هذه المصانع من أن السياسة الكمركية لإقليم كوردستان أدت إلى أن يكون سعر الحديد المستورد من الخارج أدنى من سعر الحديد المنتج محلياً، في حين أن من الممكن الاحتيال في نوعية الحديد المستورد.
وقال مدير عام دائرة المدن والمناطق الصناعية في هيئة استثمار إقليم كوردستان، بشتيوان حمة سعيد: "من بين المشاريع الاستثمارية، يعاني قطاع الصناعة من مشاكل، فمن بين 1076 مشروعاً حصل على الرخصة خلال الفترة بين (1 آب 2006) إلى (13 تشرين الأول 2022) بموجب قانون الاستثمار، يوجد 275 مشروعاً صناعياً".
وأضاف حمة سعيد ان "الأزمات التي حلت في السابق كا يجب أن تدفعنا باتجاه تنمية وإنعاش القطاع الصناعي، لكن المشاريع الصناعية تشكل الآن 25% فقط من المشاريع المجازة".
وأشار مدير عام دائرة المدن والمناطق الصناعية في هيئة استثمار إقليم كوردستان إلى أنه "من بين 275 مشروعاً صناعياً، هناك 11 مشروعاً في مجال صناعة الحديد، ثلاثة في السليمانية وخمسة في أربيل واثنان في دهوك، وقد توقف مشروعا دهوك منذ عامين".
السياسة الكمركية
بموجب قانون حماية المنتج المحلي، يتوجب على الحكومة حماية المنتج في حال تمكن الإنتاج المحلي من تغطية نصف الحاجة المحلية، الأمر الذي يلحق الضرر بالمشاريع الكبيرة منها والصغيرة وأدى أيضاً إلى ارتفاع سعر الحديد المنتج محلياً ليكون أعلى من سعر الحديد المستورد.
في هذا السياق، قال حمة سعيد: "المادة ثانياً من القانون رقم 2 لسنة 2021، قانون حماية المنتج المحلي، تقول في فقرتها الثالثة إنه في حال كون 50% من المادة الخام للمنتج محلية، عندها تجري حماية المنتج، وهذا ألحق الضرر بمشاريعنا".
وأوضح مدير عام دائرة المدن والمناطق الصناعية في هيئة استثمار إقليم كوردستان، أن "القانون المذكور لم يشكل تهديداً للمصانع الكبيرة، كمصانع الحديد، وحدها، بل يهدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة أيضاً".
الحديد المستورد من نوعية رديئة
قسم من الحديد الذي يستورد إلى إقليم كوردستان يفشل في اختبارات السيطرة النوعية، لكن الناس تستخدمه في البناء لكون سعره متدنياً، ويقول أحد المهندسين المعماريين إنه في حال وقوع كارثة طبيعية فإن احتمال انهيار المباني التي يستخدم فيها هذا الحديد يبلغ 1000% ما سيؤدي إلى كارثة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً