رووداو ديجيتال
التقدم في المفاوضات بين العراق والسعودية بشأن مشروع ربط الكهرباء بينهما، فضلا عن خطط العراق للربط أيضاً مع دول أخرى، يثير علامات استغراب ويحتاج لأجوبة تتعلق بالجدوى الاقتصادية من الاستنزاف المستمر للخزينة العراقية في ملف الكهرباء، ولاسيما ان الملف لم يتم حسمه منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وزارة الكهرباء العراقية وقعت في عام 2019 اتفاقية مع هيئة الربط الخليجي لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية الضغط الفائق (400) ك ف، بطول 300 كيلومتر، 80 كيلومترا داخل العراق، و220 كيلومترا داخل دولة الكويت، في وقت أبدت الولايات المتحدة دعمها الكامل لمشروع يربط شبكات الكهرباء بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، وقالت إنها ملتزمة بتسهيل هذا المشروع وتقديم الدعم عند الحاجة.
ورغم تعاقب 6 وزراء للكهرباء منذ 2003 وحتى الآن، وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات، لا تزال الكهرباء في العراق أزمة مستعصية على الحل، ترافقها بشكل شبه دائم وعود حكومية بتحسين الطاقة الكهربائية في البلاد، علماً أن حاجة البلاد الفعلية من الكهرباء تقدر بنحو 30 ألف ميغاواط.
أبراج الطاقة وخطوطها، تتعرض بين الحين والآخر، إلى هجمات متواصلة على يد مجاميع مسلحة وجماعات تخريبية، ما يسفر عن انخفاض ملحوظ بساعات تزويد الطاقة الكهربائية، وسط تساؤلات عن هوية الجهات المستفيدة التي تقف خلف مافيات التفجير تلك.
ووفق التفاهمات الاخيرة، فان خط الربط الأول مع السعودية سيكون تجاه البصرة ويزودها بنحو 500 ميغاواط، والخط الثاني تجاه محافظة المثنى وسيتم تزويدها بنحو 300 ميغاواط.
بخصوص الربط مع السعودية، يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية احمد موسى لشبكة رووداو الاعلامية، يوم الاثنين (13 كانون الأول 2021)، إن "الربط مع السعودية ليس الهدف منه استيراد الطاقة الكهربائية"، مشيرا الى ان "الامور لحد الان في طور المفاوضات والمباحثات الفنية مع الجانب السعودي لانشاء ربط مشترك بيننا وبين المملكة العربية السعودية".
وأوضح أنه "لحد الان لم تحدد كمية الطاقة التي من الممكن ان تدفع الى البلاد"، مبينا ان "وزارة الكهرباء اقترحت ان تكون هنالك منافذ من خلال عرعر او محطة اليوسفية او محطة السماوة".
"مشاريع الربط ليست لاستيراد الكهرباء"
المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، نوه الى ان "حجم المفاوضات وامكانية الخطوط التي ستنشأ هي من ستحدد كمية الطاقة الكهربائية التي سيحصل عليها العراق"، مؤكدا ان "الموضوع بحاجة الى ان يتم بحثه فنياً بشكل تفصيلي للاستعلام عن كمية الطاقة التي ممكن ان تنقل الى العراق".
موسى، لفت الى ان "مشاريع الربط الكهربائي ليست لاستيراد الطاقة، لكن بما ان العراق الان يحتاج الى الطاقة الكهربائية، لذا بموجب مشاريع الربط ستدفع الطاقة الكهربائية الى العراق"، منوها الى ان "المشروع ستراتيجي والغاية منه ليس استيراد الطاقة بل خلق استمرارية للشبكة الكهربائية، لتكون هنالك مرونة بالمناورة بأكثر من مصدر للشبكة الكهربائية، وكذلك ان يتم تبادل المنفعة بشبكة الطاقة، يعني من الممكن ان نأخذ الطاقة الكهربائية في اوقات الذروة، وفي اوقات غير الذروة ممكن أن يعيد العراق الطاقة الكهربائية، ويصار الى مقاصة، ولن يكلف العراق اي مبالغ".
"بموجب مشاريع الربط سواء مع السعودية او الخليج او الاردن او تركيا، سترتبط الشبكة العراقية بتلك الشبكات، ليكون العراق عضواً فاعلاً في سوق الطاقة العربي او الخليجي او الاوروبي، ومن ثم ستكون امكانية لتمرير الطاقة من والى سواء بين دول الخليج مع دول شرق اسيا او غربها من خلال استغلال شبكة العراق، اي سيكون العراق بلداً ممرراً وحافظاً لأمن الطاقة"، وفقاً لموسى.
أما بخصوص التكلفة المالية، بيّن موسى أنه "حسب الأصول، فالذي داخل العراق سيكون مناطاً بالوزارة، وسيذهب كل بأصوله سواء على الجانب العراقي أو الجانب الصديق، وبالتالي سيتكفل كل بالتزامه".
وعلى الرغم من أن العراق بلد نفطي، إلا أنه يعتمد بشكل كبير على إيران في مجال الطاقة، إذ يستورد منها ثلث احتياجاته الاستهلاكية من الغاز والكهرباء، في وقت تطالب طهران بغداد بسداد نحو 6 مليارات دولار من المتأخّرات، التي هي فواتير مستحقّة على وزارة الكهرباء العراقية.
مصادر غربية وعراقية ذكرت في وقت سابق من هذا العام أن المسؤولين العراقيين مُنحوا ضوءاً أخضر من الولايات المتحدة للإفراج عن الأموال المستحقة لإيران، مقابل واردات الغاز، والبالغة ملياري دولار، عبر حساب مصرفي سويسري.
بدوره، انتقد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، لجوء الحكومة الى الربط الكهربائي مع دول الجوار، عاداً هذا الامر "معيباً ونقصاً للسيادة العراقية".
الكناني قال لشبكة رووداو الاعلامية، يوم الاثنين (13 كانون الاول 2021)، إن "الربط الكهربائي مع اي دولة، سواء كانت ايران او السعودية او الاردن اي بلد آخر، هو أمر معيب، ويعد نقصاً للسيادة العراقية"، مؤكداً أنه "بامكان حل موضوع الكهرباء خلال ستة اشهر فقط".
108 مليارات دولار = 17 ألف ميغاواط
وكشف الكناني عن ان "العراق قام بصرف نحو 84 مليار دولار على ملف الكهرباء منذ عام 2003 ولحد الان، من دون حل هذا الملف"، مشيرا الى انه "وحسب المعطيات التي لدينا فان العراق قام بصرف 24 مليار دولار على مولدات الديزل، أي أن العراق صرف نحو 108 مليارات دولار على الطاقة الكهربائية منذ 2003 ولحد الان، والنتيجة اننا لا نملك 17 ألف ميغاواط".
وانتقد الكناني واقع الطاقة الكهربائية في العراق، مستشهداً بمطالبة ايران للعراق بأكثر من خمسة مليارات دولار كديون عن بيع الكهرباء والديزل، متسائلاً: "أليس العراق بلداً نفطياً، لماذا يستورد الديزل والغاز".
الخبير الاقتصادي، رأى أن موضوع الربط الكهربائي لا يعدو عن كونه "سياسي"، وهو بين السعودية وايران في سبيل تقديمهما ما يستطيعان للعراق في هذا الجانب.
بحسب تقارير إعلامية فإن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اتفق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني خلال القمة الثلاثية التي عقدت في بغداد على مدّ شبكة ربط كهربائي بتكلفة 2.2 مليار دولار لتوريد الكهرباء إلى العراق مروراً بالأردن، وتجهز مصر من خلالها العراق بـ700 ميغاواط في أواخر عام 2023.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً